اليوم يرحمنا من كان يغبطنا |
|
واليوم نتبع من كانوا لنا تبعا |
وقال لبيد :
وما النّاس إلّا كالدّيار وأهلها |
|
بها يوم حلّوها ، وغدوا بلاقع (١) |
كل ذلك لا يراد بذكر اليوم والغد فيه إلّا جميع الأوقات المستقبلة.
ورابعها : أن يكون المراد : لا تثريب عليكم البتّة ، ثمّ قال : (الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) ؛ فتعلّق «اليوم» بالغفران ، وكان المعنى غفر الله لكم اليوم.
وقد ضعّف قوم هذا الجواب من جهة أنّ الدعاء لا ينصب ما قبله.
فأمّا التثريب فإنّ أبا عبيدة قال : معناه لا شغب ولا معاقبة ولا إفساد.
وقال الشاعر :
فعفوت عنهم عفو غير مثرّب |
|
وتركتهم لعقاب يوم سرمد |
وقال أبو العباس ثعلب : يقال : «ثرّب فلان على فلان» إذا عدّد عليه ذنوبه. وقال بعضهم : التثريب مأخوذ من لفظ الثّرب ، وهو شحم الجوف ، فكأنّه موضوع للمبالغة في اللوم والتعنيف والتقصّي إلى أبعد غايتهما (٢).
ـ (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) [يوسف : ٩٧].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [يوسف : ١٠٠].
مسألة : فإن قيل : فما معنى قوله تعالى : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) وكيف يرضى بأن يسجدوا له والسجود لا يكون إلّا لله تعالى؟.
__________________
(١) ديوانه : ٢ / ٢٢.
(٢) الأمالي ، ١ : ٤٢٩.