فإن احتجّ أبو حنيفة بهذه الآية وأنّه تعالى ذمّهم على مخالفة نفس ما عاهدوا عليه.
فالجواب : أنّا لا نسلم أنّ ذلك عهد ، فمن ادّعى أنّ له حكم العهد فعليه الدلالة ، وبعد فانّ أكثر أصحابنا يقولون : إن قوله : «على عهد الله» ليس بيمين (١).
ـ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [التوبة : ٨٠].
أنظر المقدّمة الثالثة ، الأمر السادس.
ـ (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (٨٣) وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤) وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥)) [التوبة : ٨٣ ـ ٨٥].
[وفيها أمران.
الأوّل : أنظر الفتح : ١١ من الشافي ، ٤ : ٣٦].
[الثاني : أقول : حكى السيّد عن القاضي كلاما يذكر فيه : «انه لو قلنا بوجود نصّ على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام في عصر الصحابة ، وانّهم ردّوا ذلك ووقفوا على خلافه ، كنّا بذلك ننسبهم إلى الارتداد والنفاق ، وانّهم لذلك صحّ أن يخالفوا ، وذلك ممّا لا يحلّ الكلام فيه ؛ لأنه طريق الشبه القادحة في النبوات ، وإنّما ألقاه الملاحدة الذين طريقتهم معروفة ؛ لأنّ اختصاص الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأكابر الصحابة ، ومن يدّعى لهم الإمامة ، وما تواتر من تعظيمه لهم وإكرامه ، إلى غير ذلك يقارب ما تواتر من الخبر في أمير المؤمنين عليهالسلام وغيره ، فمن يجوّز فيهم الشرك والنفاق فإنّما طعن على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٢). انتهى كلامه بتصرّف يسير].
__________________
(١) الانتصار : ١٥٨.
(٢) المغني ، ٢٠ : ١١٩.