ـ (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) [الأنعام : ٥٠].
[استدلّ بهذه الآية على تفضيل الملائكة على الأنبياء عليهمالسلام قالوا :] فلو لا أن حال الملائكة أفضل من حال النبيّ لما قال ذلك (١).
ويقال لهم لا دلالة في هذه الآية على أنّ حال الملائكة أفضل من حال الأنبياء ؛ لأنّ الغرض في الكلام إنّما هو نفي ما لم يكن عليه ، لا التفضيل لذلك على ما هو عليه ، ألا ترى أنّ أحدنا لو ظنّ به أنّه على صفة وليس عليها جاز أن ينفيها عن نفسه بمثل هذا اللفظ وإن كان على أحوال هي أفضل من تلك الحال وأرفع.
وليس يجب إذا انتفى ممّا تبرأ منه من علم الغيب وكون خزائن الله تعالى عنده أن يكون فيه فضل أن يكون ذلك معتمدا في كلّ ما يقع النفي له والتبرّء منه ، وإذا لم يكن ملكا كما لم يكن عنده خزائن الله جاز أن ينتفي من الأمرين ، من غير ملاحظة ؛ لأنّ حاله دون هاتين الحالتين.
وممّا يوضح هذا ويزيل الاشكال فيه أنّه تعالى حكى عنه في آية أخرى :
(وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) (٢) ونحن نعلم أنّ هذه منزلة غير جليلة وهو على كلّ حال أرفع منها وأعلى ، فما المنكر من أن يكون نفي الملكية عنه في أنّه لا يقتضي أنّ حاله دون حال الملك بمنزلة نفي هذه المنزلة.
والتعلّق بهذه الآية خاصّة ضعيف جدا ، وفيما أوردناه كفاية وبالله التوفيق (٣).
ـ (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) [الأنعام : ٥٧].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
__________________
(١) الرسائل ، ٢ : ١٦٠.
(٢) سورة هود ، الآية : ٣١.
(٣) الرسائل ، ٢ : ١٦٥ وراجع أيضا ، ١ : ٤٣٤.