عليها أو اقتضائه لها ، وهي مع الفعل الذي بعدها بمنزلة المصدر ؛ وتقدير الكلام : ليس لك من الأمر شيء ومن توبتهم وعذابهم.
ووجدت أبا بكر محمد بن القاسم الأنباريّ يطعن على هذا الجواب ويستبعده ، قال : لأنّ الفعل لا يكون محمولا على إعراب الاسم الجامد الذي لا تصرّف له على إضمار «أن» مع الفعل ؛ لأنّه ليس من كلام العرب : «عجبت من أخيك ويقوم» على معنى : «عجبت من أخيك ومن أن يقوم» لأنّ أخاك اسم جامد محض ، لا يعطف عليه إلّا ما شاكله. وقال : وهذا إذا يستقيم ويصلح في ردّ الفعل على المصدر ، كقولهم : «كرهت غضبك ويغضب أبوك» ؛ على معنى : «كرهت غضبك وأن يغضب أبوك» ، فيطّرد هذا في المصادر ، لأنّها تتأوّل ب «أن» فيقول النحويون : «يعجبني قيامك» ، وتأويله : «يعجبني أن تقوم» ، قال : والاسم الجامد لا يمكن مثل هذا فيه.
وليس الذي ذكره ابن الأنباريّ مستبعدا ، وإن لم يضعف هذا الجواب إلّا من حيث ذكر فليس بضعيف ؛ وذلك أن فيما امتنع منه مثل الذي أجازه ؛ لأنّه قد أجاز ذلك في المصادر ، وإن لم يجزه في غيرها.
وقوله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) فيه دلالة الفعل ، لأنّ «الأمر» مصدر أمرت أمرا ؛ فكأنّه تعالى قال : ليس لك من أن آمرهم أو تأمرهم شيء ، ولا من أن يتوبوا ، وجرى ذلك مجرى قولهم : «كرهت غضبك ويغضب أبوك» ، وفي رد الفعل على المصدر ؛ والوجه الأوّل أقوى الوجوه ؛ والله أعلم بمراده (١).
ـ (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [آل عمران : ١٣٣]
[استدلّ بهذه الآية وكذا قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) (٢) على أن الأمر مقتض للفور].
ويقال لهم : أمّا قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ) فهو مجاز من حيث ذكر
__________________
(١) الأمالي ، ١ : ٥٨٨.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٤٨.