في الاستثناء فيجب أن يصرف الكلام عن الاستثناء ، ونقول وإذا كان لفظه لفظ الاستثناء فالمراد به ما يجري مجرى استئناف من كلام يكون القصد به إزالة الشبهة عن القلوب ، فكأنّه عليهالسلام ظنّ أنه لو أطلق الكلام إطلاقا لدخلت الشبهة على قوم في أن يكون نبيّا بعده [فيجب أن يصرف الكلام عن الاستثناء بعده] (١) فأزال هذه الشبهة بما يجري مجرى المبتدأ من كلامه فيصير كأنّه قال : أنت يا علي منّي في هذه الحال بمنزلة هارون من موسى لكنّه لا نبيّ بعدي [ليس بأن يتناول الحال أولى من المستقبل] (٢) ...».
يقال له : ليس يحتاج إلى الشرط الذي قدّرته ؛ لأن الاستثناء إذا تعلّق بحال الموت ووجب أن يكون ما أثبت بصدد الكلام من المنازل مقصودا به إلى هذه الحال ليحصل المطابقة على ما بيّناه في كلامنا المتقدم ، فالشرط مستغنى عنه وفيما استثني منه ؛ لأن ما أثبته من المنازل بعده لا بدّ فيه من القطع المنافي لتقدير الشرط ، وما نفاه بالاستثناء من منزلة النبوّة تناول منزلة لولاه لثبت قطعا أيضا بغير شرط.
فأما قوله : «وليس يجب بدخول الشرط في الاستثناء أن يدخل في المستثنى منه مع إمكان جملة على ظاهره» فهو وإن سقط بما ذكرناه يفسد أيضا بما اعترف به من وجوب مطابقة الاستثناء للمستثنى منه ؛ لأن الاستثناء إذا دخل فيه الشرط الذي قدّره ولم يدخل المستثنى منه فقد تعلّق بحال لا يقتضيها صدر الكلام ، ولا ينطوي ما أثبته من المنازل عليها ، فلا فرق بين أن يستثنى النبوّة بعد الوفاة مشروطة وإن كانت غير داخلة فيما تقدّم ولا كان ما أثبته من المنازل متعلقا بحال الوفاة جملة وبين أن يستثني غيرها ممّا لا يدخل تحت ما أثبته ، وهذا مفسد لحقيقة الاستثناء ، ومخرج له عمّا وضع له ، فوجب بهذه الجملة لو صرنا إلى ما ادّعاه من إثبات الشرط دخوله في الأمرين ليتمّ المطابقة وتثبت حقيقة الاستثناء ، وليس ما ذكره في آخر الفصل من ادعاء استئناف الكلام وإخراجه عن باب
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ساقط من المغني.
(٢) المغني ، ٢٠ : ١٦٣ وما بين المعقوفتين من «المغني».