الاستثناء بشيء ؛ لأنّه لما رأى أن تأويله يبطل حقيقة الاستثناء وما يجب من مطابقته للمستثنى منه حمل نفسه على نفيه ، وظاهر الكلام يقتضي خلاف ما قاله ؛ لأنّ إيراد لفظ «إلا» بعد جملة متقدّمة لا تكون إلّا للاستثناء حقيقة ، وإنّما يحمل في بعض المواضع على الابتداء والاستيناف أيضا ضرورة على سبيل المجاز ، وليس لنا أن نعدل عن الحقيقة إلى المجاز بغير دلالة ، وادّعاؤه أن الذي يوجب إخراج الكلام عن الاستثناء تناوله لبعد الموت مع أن المستثنى منه من حقّه أن يتناول الحال ، غير صحيح ؛ لأنّ ذلك إنّما كان يجب لو لم يكن لنا عنه مندوحة ، فأمّا مع إمكان ما ذكرناه من تناول المستثنى منه للحال التي تعلّق الاستثناء بها وإعطاء الاستثناء ما يقتضيه حقيقة من المطابقة لما تقدّم فلا وجه لما ذكره من العدول عن الظاهر من الكلام ، وجعل ما ظاهره يقتضي الاستثناء لغيره.
فأمّا قوله : «وكان يجب أن لا يدخل تحت الخبر منزلة يستحقّها أمير المؤمنين عليهالسلام في الحال» فإن ذلك واجب على قول من جعل الاستثناء متعلّقا ببعد الموت لا ببعد النبوّة ؛ لأن الغرض عندهم بهذا الخبر النصّ على الإمامة بعد الوفاة ، فإذا بيّنوا أن الخبر يقتضيها فقد تمّ الغرض وإن كان من يجب له منزلة الإمامة لا بد أن يكون في الحال على أحوال من الفضل وغيره لا يقتضيها في الحال ظاهر اللفظ ، ولم نجده عوّل في إبطال قول من ذكرناه على أكثر من ادّعاء بطلانه وفساده من غير إيراد ما يجري مجرى الحجّة أو الشبهة ، وأما على قول من جعل النفي متعلّقا ببعد النبوّة وعمّ به أحوال الحياة والوفاة فإنه يجعل ظاهر الخبر مقتضيا لإثبات جميع المنازل بعد ما أخرجه الاستثناء في الأحوال التي تعلّق نفي النبوّة بها وهي أحوال الحياة والوفاة معا ولا يخصّ بذلك المستثنى منه دون المستثنى على ما سأل صاحب الكتاب نفسه عنه ، ونقول : متى أخرجت منزلة الإمامة من الثبوت في جميع حال الحياة أو من الاستمرار في جميع أحوال الوفاة فلدليل اقتضى الانصراف عن الظاهر يجب العمل به والتمسّك بما عداه من مقتضى الظاهر ، وإذا قيل له : فاجعل الاثبات متعلّقا بالحياة خاصّة والنفي مختصّا بالوفاة أو عامّا للأمرين ، ولا يوجب المطابقة قياسا