الوفاة دون أحوال الحياة على ما نصره أكثر أصحابنا أو تعلّق ببعد حال النبوّة ممّا يشتمل الحياة والوفاة ، وخلاف هذين القولين لا نعرفه قولا لأحد منهم ، وقد كنّا أملينا في الجواب عن هذه الشبهة التي اشتمل عليها الفصل من كلامه مسألة مفردة استقصينا الكلام فيها وفيما أوردناه هاهنا كفاية إن شاء الله تعالى.
قال صاحب الكتاب : «وبعد ، فلو ثبت أن قوله «إلّا أنه لا نبيّ بعدي» المراد به بعد موتي لكان لا بدّ فيه من شرط ، فكأنّه يريد فلا تكون يا علي نبيّا بعدي إن عشت ؛ لأنّ هذا الشرط واجب لا بدّ منه وإذا وجب ذلك فكأنّه قال عليهالسلام : أنت وإن بقيت لا تكون نبيّا بعدي كما يكون هارون نبيّا بعد أخيه موسى لو بقي ، فلا بدّ من إثبات الشرط وتقديره في الأمرين ، وإن كان الكلام لا يقتضيه ؛ لأنّه لا يجب إذا دلّ الدليل على دخول شرط في الاستثناء أن يدخل في المستثنى منه [مع إمكان حمله على ظاهره وقد علمنا أن قوله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» يقتضي الحال من غير شرط ، فكيف يجب بدخول الشرط في الاستثناء من حيث أدّى إليه الدليل إثبات شرط في المستثنى منه] (١) وهذا يبيّن أنّ الذي ذكروه لو سلّمناه لم يوجب ما قالوه ، وكان يجب على هذا القول أن لا يدخل تحت الخبر منزلة يستحقها أمير المؤمنين عليهالسلام في حال حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أصلا ؛ لأنّهم أوجبوا في المستثنى منه أن يكون كالمستثنى في أنّه بعد الموت ، وبطلان ذلك يبيّن فساد هذا القول» ثمّ قال : «فإن قالوا : قد دخل تحت الإثبات حال الحياة وبعد الممات فصح الاستثناء منه وإن كان بعد الموت ، قيل لهم : فإذا جاز في المستثنى منه أن يكون ثابتا في الحالين ، وإن كان الاستثناء لا يحصل إلّا في أحدهما فما المانع من أن يكون المستثنى منه يثبت في حال الحياة فقط على ما يقتضيه لفظه؟ وإن كان المستثنى لا يحصل إلّا بعد الوفاة على ما يقتضيه لفظه.
وبعد ، فإنه يقال لهم : إذا كنّا متى وفينا المستثنى منه الذي هو لإثبات حقّه تناول الحال ، وإذا وفينا المستثنى حقه تناول بعد الموت ، ومثل ذلك لا يصحّ
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ساقط من «المغني».