مدحا إذا كان قطعا للصلاة وانصرافا عن الاهتمام بها والاقبال عليها ، فأمّا إذا كان مع القيام بحدودها والأداء بشروطها فلا يمتنع أن يكون مدحا ، على أن الخبر الذي بيّنا وروده من طريقين مختلفين مبطل لتأويله هذا ؛ لأن الرواية وردت بأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لما خرج إلى المسجد وسأل عمن تصدّق على السائل فعرف أن أمير المؤمنين عليهالسلام تصدّق بخاتمه هو راكع ، قال : «إن الله تعالى أنزل فيه قرآنا» وقرأ الآيتين ؛ وفي هذا دلالة واضحة على أن فعله عليهالسلام وقع على غاية ما يقتضي المدح والتعظيم ، فكيف يقال : إنه يتنافى في الجمع بين الصلاة والزكاة؟
وبعد ، فإنا لم نجعل إيتاء الزكاة في حال الركوع جهة لفضل الزكاة حتى يجب الحكم بأن فعلها في حال الركوع أفضل ، بل مخرج الكلام يدل على أنه وصف بإيتاء الزكاة في حال الركوع المذكور أولا على سبيل التمييز له من غيره وللتعريف ، فكأنّه تعالى لما قال : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) أراد أن يعرف من عناه بالذين آمنوا فقال تعالى : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) غير أنّ وجه الكلام وإن كان ما ذكرناه ، فلا بدّ أن يكون في إعطائه الزكاة في حال الركوع غاية الفضل وأعلى وجوه القرب ، بدليل نزول الآية الموجبة للمدح والتعظيم فيه عليهالسلام ، وبما وقع من مدحه عليهالسلام أيضا يعلم أن فعله للزكاة لم يكن شاغلا عن القيام بحدود الصلاة.
قال صاحب الكتاب ـ بعد أن أورد كلاما يتضمن أن إثباته وليا لنا لا يمنع من كون غيره بهذه الصفة ، وقد تقدّم الكلام على ذلك ـ : «وبعد فإن صحّ أنه المختص بذلك ، فمن أين أنه يختص بهذه الصفة في وقت معيّن ولا ذكر للأوقات فيه؟
فإن قالوا : لأنّه تعالى أثبته كذلك فيجب أن يكون هذا الحكم ثابتا له في كلّ وقت.
قيل لهم : إن الظاهر انما يقتضي أنه كذلك في حال الخطاب ، وقد علمنا أنه لا يصحّ أن يكون إماما مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يصحّ التعلّق بظاهره.
ومتى قيل : إنّه إمام من بعد في بعض الأحوال فقد زالوا عن الظاهر ،