وأما أن أهل السنة لا يوجد بينهم فرد واحد يبغض آل البيت فغير صحيح ، لأن كثيراً من علمائهم وإن كانوا يزعمون أنهم يحبّون أهل البيت عليهمالسلام إلا أن ما يظهر منهم خلاف ذلك.
ويكفي في الدلالة على ذلك أن علماء أهل السنة حكموا بأن التشيع لأهل البيت منقصة قادحة في وثاقة الراوي ، فيضعّفون الرجل لموالاته لأهل البيت عليهمالسلام ، فيطرحون رواياته ، وإن كان صدوقاً ثبتاً ، وينبزونه بالرفض ، ويصمونه بما لا يحسن من قبيح الصفات ، فصار كل من يحبّهم أو يروي فضائلهم ، أو ينقل مآثرهم ، وينوِّه بذكرهم ، أو يفضّلهم على غيرهم ، شيعيّا مذموماً ، أو رافضيّاً خبيثاً ، لا حرمة له ولا كرامة.
حتى أن الإمام الشافعي الذي هو علَم من أعلام أهل السنة وإمام من أئمتهم قد رُمي بالتشيع لما تجاهر بحب أهل البيت عليهمالسلام ، فقيل له : إن أناساً لا يصبرون على سماع منقبة أو فضيلة لأهل البيت ، فإذا رأوا أحداً يذكر شيئاً من ذلك قالوا : تجاوزوا عن هذا ، فهو رافضي. فأنشأ يقول :
إذا في مجلسٍ نذكر علياً |
|
وابنيهِ وفاطمةَ الزكيَّة |
يُقال : تجاوزوا يا قومُ هذا |
|
فهذا من حديثِ الرافضية |
برئتُ إلى المهيمنِ من أناسٍ |
|
يرون الرفضَ حبَّ الفاطميهْ (١) |
__________________
(١) نور الابصار ، ص ٢٠٠. والأبيات موجودة في الديوان ، ص ٩٠.