الآتية :
جاء في روضة الكافي للكليني صاحب كتاب الكافي ص ٢٠٢ قوله : عن حنان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر قال : ارتد الناس بعد النبي صلىاللهعليهوسلم إلا ثلاثة هم : المقداد وسلمان وأبو ذر. كما جاء في تفسير الصافي والذي هو من أشهر وأجل تفاسير الشيعة وأكثرها اعتباراً روايات كثيرة تؤكد هذا المعتقد ، وهو أن أصحاب رسول الله قد ارتدوا بعد وفاته إلا آل البيت ونفراً كسلمان وعمار وبلال رضي الله تعالى عنهم.
وأقول :
هذا الحديث لم يروه الكليني في الكافي بهذا اللفظ (١) ، لا في الروضة ولا في غيرها ، بل ولم يرد له ذكر في باقي الكتب الأربعة المشهورة عند الإمامية ، وإنما جاء مروياً في رجال الكشِّي (٢) وبعض الكتب الأخرى التي لا يعوَّل عليها في إثبات الأحاديث.
ومع ذلك فهذا الحديث لا يدل على ما عنوَنَ به الجزائري حقيقته هذه ، فإن الارتداد في اللغة هو الرجوع عن الشيء. قال عز من قائل (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) (٣) ، وقال (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ
__________________
(١) بل رواه بلفظ آخر سنذكره قريباً إن شاء الله ، ولعل عدول الجزائري عنه إلى الحديث الذي احتج به على حقيقته مع أنه لم يرو في الكافي ، إنما كان لأن الحديث الذي ذكره يوهم في الجلالة على مطلوبه أكثر من غيره ، والله أعلم.
(٢) اختيار معرفة الرجال ، ص ٥.
(٣) سورة يوسف ، الآية ٩٦.