أن الله سبحانه أوحى إلى الإمام عليهالسلام ، ولو سلَّمنا بدلالته على ذلك فالوحي لا يستلزم النبوة ، فإن الله جل شأنه أوحى إلى أُم موسى عليهالسلام ، فقال (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١).
قال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى * وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى * إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى) (٢) : اتفق الأكثرون على أن أُم موسى عليهالسلام ما كانت من الأنبياء والرسل ، فلا يجوز أن يكون المراد من هذا الوحي هو الوحي الواصل إلى الأنبياء. وكيف لا نقول ذلك والمرأة لا تصلح للقضاء والإمامة ، بل عند الشافعي رحمهالله لا تمكَّن من تزويج نفسها ، فكيف تصلح للنبوة؟! ويدل عليه قوله تعالى (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) ، وهو صريح في الباب ، وأيضاً فالوحي قد جاء في القرآن لا بمعنى النبوة ، قال تعالى (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) ، وقال (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ) (٣).
وقال القرطبي : قال ابن عباس رضي الله عنهما : أُوحي إليها كما
__________________
(١) سورة القصص ، الآية ٧.
(٢) سورة طه ، الآيات ٣٦ ـ ٣٨.
(٣) التفسير الكبير ٢٢/٥١.