وقد جاء عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام في تفسير هذه الآية قال : «شرك طاعة ليس بشرك عبادة ، والمعاصي التي يرتكبون ، فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بالله في الطاعة لغيره ، وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير الله.» (١)
وعن أبي عبد الله «جعفر الصادق عليهالسلام» في تفسير الآية قال : «هو قول الرجل: لولا فلان لهلكت ، لولا فلان لأصبت كذا وكذا ولولا فلان لضاع عيالي ، ألا ترى أنه جعل شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه؟ قال : قلت : فيقول : لولا أن الله منّ عليّ بفلان لهلكت؟ قال : نعم لا بأس بهذا». (٢)
وفي هذا التفسير ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عن قول الله تعالى (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) قال : «من ذلك قول الرجل : لا وحياتك» (٣).
وعلى ضوء هذا نعرف أن مسألة الإيمان التوحيدي بالله لا بد أن تخضع لحسابات دقيقة ، على مستوى الالتزام الفكري بالنظر إلى الأشياء ، فلا يمكن أن ترى مع الله أحدا ، أو تجعل أيّ مخلوق قريبا في نظرتك إليه ، من مستوى نظرتك إلى الله ، وألّا تعطي أحدا من العباد موقعا أعطاه الله لنفسه ، ولا تتكلم عنه بأسلوب أراد الله أن نتكلم به عنه. وهكذا يجب أن يمتد الأمر إلى العمل فلا طاعة إلا لله ، ولا التزام إلّا بالخط الذي يرضاه وينتهي إليه ، ولا حركة إلا في آفاق شريعته حيث يلتقي التوحيد العبادي الذي يريد الله لنا أن نلتزمه بخط التوحيد العقيدي.
وبذلك نعرف كيف نعيش الشرك في كثير من مواقعنا الفكرية والعملية ،
__________________
(١) البحار ، م : ٤ ، ج : ٩ ، ص : ١٣٢ ، باب : ١ ، رواية : ٩٣.
(٢) م. س. ، م : ٢٤ ، ج : ٦٨ ، ص : ٣٢٨ ، باب : ٦٣ ، رواية : ٤٩.
(٣) م. ن. ، م : ٢٥ ، ج : ٦٩ ، ص : ٦٢ ، باب : ٩٨ ، رواية : ٢١.