الحوار الفكري ثم المعجزة
فما ذا كان ردّ صالح؟
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) في ما أعيشه من إيمان بالله وبالرسالة وبالوحي الإلهيّ النازل عليّ ، كأيّ إنسان يعيش المعاناة الداخليّة والحسيّة لاتصال قناعاته بالوجدان ، (وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) في ما كلّفني به من حمل الرسالة ، ومنحني إيّاه من صفة النبوّة ، فهل أترك ذلك كله ، لأسير على أهوائكم ، وأجتنب هداه ، لتمنحوني بعض امتيازات ثقتكم؟ وما الذي أنتفع به من ذلك؟ ثم ماذا تفعلون لي ، إذا تمرّدت على الله ورفضت رحمته وجحدت بيّنته ، وأراد الله أن يعاقبني على ذلك ، وهو القادر عليّ في كل وقت وفي كل مكان؟ (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) إنكم لا تستطيعون فعل شيء أمام الله ، ولا تملكون لي ولا لأنفسكم نفعا ولا ضرّا إلا بإذن الله ، (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) فما ذا وراء محاولتكم في إبعادي عن الدعوة إلى الله ، إلا المزيد من الخسارة على مستوى الدنيا والآخرة؟!
... وانتقل الحديث إلى مجال آخر ، فقد أراد الله لصالح أن يجرّهم إلى الإيمان عن طريق آخر غير طريق الحوار الفكري ، وذلك بتقديم «الناقة العجائبيّة» التي كانت آية من آيات الله ، ليفكّروا بمسألة الإيمان في هذا الاتجاه ، باعتبار أن ذلك قد يكون دليلا على صدق النبي صالح في دعوى النبوة.
(وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) ، ولم يذكر القرآن لنا التفاصيل عن طبيعة المعجزة في هذه الناقة ، مما جعل الروايات تختلف في تفسير ذلك اختلافا يقترب بها من الأساطير ، فلتراجع في مظانّها من كتب التفسير ، لأننا لا