اللغة ، ويؤيّده تفريع البشرى على ذلك ، لأن الحمل يتوقف على وجود حالة الحيض لدى المرأة ، وكان قد انقطع عن زوجة إبراهيم في السابق ، (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) وقد كانت هذه البشرى المزدوجة للإيحاء باستمرار النسل ، وأما ردّ فعلها فاكتنفه المزيد من الدهشة والاستغراب ، والإنكار الحائر ، (قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) فنحن في سنّ لا تسمح لنا بذلك لأنه خارج عن السنّة التي اعتادها الناس في حياتهم ، (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) لا نفهم سرّه وحقيقته.
* * *
رحمة الله تأتي بالعجائب
ولكن الملائكة يردّونها إلى التفكير من خلال الإيمان ، فالمؤمن لا يخضع في تصوّره لمسألة الإمكان وعدمه للمألوف مما اعتاده الناس في حياتهم ، بل عليه أن يطل على الأفق الإيماني الواسع الذي يلتقي بالله في قدرته المطلقة التي لا يحدّها شيء ، وأنّ عليه أن يفكّر بأن الأشياء المألوفة لا تحمل في ذاتها عنصر الوجود ، بما تتضمنه من علاقة المسبّب بالسبب ، إلا من خلال الله القادر على أن يخلق أشياء أخرى لم يألفها الناس ، لحكمة ما ترتئيها القدرة الإلهية المتحركة وفق موازين حكيمة.
إنهم يثيرون فيها حسّ الإيمان العميق ، لتفكّر في هذا الاتجاه ، لأن المؤمن إذا سار في تفكيره على هذا المستوى فإنه سينفتح على الحياة بكل ما فيها من انطلاقات الأمل ، حتى في الطرق المسدودة ، لأنه يشعر أن السدود ، مهما بلغت من الأحكام والقوّة ، لا تثبت أمام قدرة الله الذي إذا أراد أن يهدمها تحوّلت إلى هباء في أقلّ من لحظة. وهذا ما يجب على المؤمن الداعية المجاهد ، أن يعيشه في خط الدعوة والجهاد ، فلا يتعقّد من مشكلة ، بل يعمل