بين عمى القلب وإشراقة الفكر
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) أي استسلموا إليه وخشعت قلوبهم له ، وشعروا ـ بعمق إيمانهم وصفاء وجدانهم ـ بأن الأمر كله له ، وأن طاعته هي فوق كل طاعة ، وأن هدف الإنسان هو تحقيق رضاه في كل شيء ، فكان جزاؤهم من الله سبحانه أن أقبل عليهم برحمته ، وأفاض عليهم من رضوانه ، ودعاهم إلى جنته ، (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وذلك هو الفارق بين الكافرين وبين المؤمنين في النتائج النهائية لهؤلاء وأولئك ، أما مثلهم في ما توحي به صورتهم في حركة الواقع ، فقد عبّرت عنه الآية الكريمة : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) بما يعكسه الكفر من عمى القلب والروح والشعور ، وما يعبّر عنه الإيمان من إشراقه الفكر والعقل والعاطفة ، أو بما يمثّله الكفر من صمم عن نداء الله ، ورفض للاستماع إليه ، وما يوحي به الإيمان من انفتاح القلب على كلمات الله في كل قضايا الحياة ، (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ) لتطّلعوا على عمق الأفكار والمواقف بنتائجها الإيجابية والسلبية ، وما ينتهي إليه أمر الإنسان في عالم الرفض القبول.
* * *