وشعر يوسف بأنه محاصر بهذا الجمال المتنوع بين امرأة العزيز التي تدعوه إلى نفسها في الليل والنهار بكل ما تملكه من أساليب الإغراء والإغواء ، بهدف إثارة غريزته وشهوته ، وبين هؤلاء النسوة اللاتي عرفنه في هذا اللقاء ، وبدأن يراودنه عن نفسه ، بطريقة خفيّة أو معلنة ، وربما يلاحقنه في المستقبل ليؤثرن عليه ، وقد يحاولن الضغط عليه بتهديده بطريقة أو بأخرى ، بالسجن أو غيره ، كما ذكرت امرأة العزيز ... فما ذا يفعل؟ إنه يخشى على نفسه أن يميل إليهن ، ويسقط في التجربة أخيرا ، لأن القدرة على المقاومة قد تضعف وتتلاشى أمام ضغوط الإغراء ، ونداء الغريزة.
* * *
اللجوء إلى الله
إن يوسف بشر كبقية البشر ، يتأثر بما يتأثرون به ، ويستجيب لما يستجيبون له ، ولو لا رعاية الله وعصمته له ، لانقاد لها في ما دعته إليه ولكنه ها هو يستعين بالله ، في هذا الموقف كما استعان به في الموقف السابق ، ويريد له أن ينقذه الآن ، كما أنقذه من قبل ، إنه يفضّل كل مصائب الدنيا وآلامها ، على موقف معصية لربه ، ولهذا لجأ إلى الله وصرخ بكل قلبه ، في دعاء خاشع حار مبتهل ، وبروحية العبد الذي تحضر كل مشاعره وأحاسيسه ، ويتحرك كل عقله وإرادته ، طلبا للنجاة من ملاحقة الشيطان له ، الذي يريد إسقاط عفته وأمانته وإرادته ، ويبعده عن محبة الله ، إنه ينشد الخلاص من هذا الحصار الشهوانيّ الغريزيّ الذي يعرض عليه الجمال المتنوع بكل كنوزه.
* * *