كان المجتمع الراقي يبيح للمرأة أن تخون زوجها وتتخذ لها عشيقا ، فإن عليها أن تتخذه من داخل الطبقة المميزة التي تنتمي إليها ، لئلا تسيء إلى تقاليدها الطبقية التي تفرض إقامة الحواجز بينها وبين الطبقة السفلى ، فلا تتنازل السيدة فيه لعبدها مهما كانت الظروف ، في أيّة لفتة عطف ، فكيف يسمح لها أن تدعوه إلى نفسها في علاقة جنس؟! وهكذا بدأ الحديث عنها يتخذ منحى خطيرا في تشوية سمعتها وتحقير مكانتها ، والتنديد بخروجها عن الأخلاق الطبقية التي يحترمها مجتمعها ، ويرى في الخروج عنها ضلالا مبينا ، وانحرافا خطيرا ، وربما كان هذا الحديث صادرا عن سوء نيّة ، وشعور بالحسد لها ، لا عن إخلاص للقيم الاجتماعية ، والتقاليد الطبقية.
* * *
خطة الالتفاف
(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَ) بما يتحدثن به عنها ، وما يسعين له من تحقير لمكانتها في المجتمع ، (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ) في دعوة اجتماعية لا توحي بأيّ طابع مميّز ، تماما كما هي عادة النساء في اجتماعاتهن الخاصة ، لمناسبة فرح أو حزن ، أو للأخذ بأسباب اللهو ، أو التحدث في أيّ أمر طارئ ، أو في أي شيء يملأ الفراغ ، ويمتّع النفس ، وكانت تريد مفاجأتهن ، والالتفاف على مكرهن بمكر أشدّ في عملية ذكية لتوريطهن بما تورّطت به ، ولايقاعهنّ في خطيئة التمرد على تقاليد المجتمع الطبقية ، فدعتهن إليها ، (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) في ما يوحي به ذلك من المجلس المميز الذي يستسلمن فيه للراحة والاسترخاء ، ليأخذن حريتهن في الجلوس وفي الحديث في جوّ عائليّ حميم. (وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) لتقطع به الفاكهة التي قدمتها إليهن في هذا المجلس ، وهنا كانت المفاجأة التي لم يتهيّأن لها ، فلم يكن في البرنامج أو هكذا يبدو أن يخرج يوسف إليهن ، أو يجلس معهنّ ، لأن التقاليد الطبقية لا