القصة في حركة الرسالة
وهكذا تلخّص لنا نهاية السورة الدور القصصي الذي تضمنته ، والنتيجة المرعبة التي تنتظر غير المؤمنين ، ويحتمل غموض التهديد الصادر عن الله أن يحدث أي شيء من الذي يملك الأمر كله ، وإليه ترجع العبادة كلها ، فهو في حضور دائم ، في كل شيء ، ومع كل شيء.
(وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) الذين سبقوك في المرحلة ، فبلّغوا وعملوا وواجهوا كل أنواع التحدّي والتمرّد ، وثبتوا في مواقع الاهتزاز ، وانتصر الله لهم في أكثر من موقف ، فوقفوا في الموقع القويّ الذي زادهم قوة إلى قوّتهم. ولكن ما مهمة هذا العرض القصصي؟؟ هل هو مجرد حكاية التاريخ ، وسرد أحداثه ، أو هو تخطيط إلهيّ لتثبيت موقف النبي ، أمام الهزات النفسية التي قد يتعرض لها أمام التحديات الصعبة التي تواجه حركة الرسالة؟ إن الله يثبت لنا الشقّ الأخير في المسألة ، فالقرآن كتاب رساليّ يخطّط للرسول طريقه ، في التفكير والإحساس ، ويوجه السائرين على خط الرسول أن يقفوا في مواقع الثبات والقوّة أمام حالات التحدي ، لأن سرد التاريخ الرساليّ أمام الرساليين يجعلهم يستشعرون الخط الثابت الذي تتحرك فيه الرسالات فيسيرون عليه امتدادا لحركة التاريخ في ما يلتقي فيه الأنبياء في خط الدعوة والتغيير.
(ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) فلا يقترب إليك القلق ، ولا يدنو منك الاهتزاز ، وفي هذا بعض الإيحاء بأن الله يربّي نبيّه بآياته أمام ما يمكن أن يعانيه من مشاعر سلبيّة في مواجهة واقع صعب يتحداه ، بوصفه بشرا يتأثر بما حوله من دون أن يغيّر ذلك شيئا من طبيعة الموقف ، فيأتي القرآن ليفتح قلبه على الأفق