النظيف الطاهر الذي حاولت امرأة العزيز وصويحباتها ، أن يشوّهنه بالأساليب الإعلامية المضادّة التي حاولت إظهاره كإنسان يتحرّك من مواقع الغريزة الجنسية ، ليعبث ويراود ويستجيب للمراودة ويعتدي ، ويدخل السجن بسبب ذلك ؛ لقد أراد أن يخرج من السجن خروج الأبرياء الذين دخلوه ظلما دون أيّ ذنب ، لأن الذنب الذي نسب إليه لا يمثل شيئا من الحقيقة.
(فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ) وطلب منه المجيء إلى الملك والاستجابة لرغبته في الحضور عنده ، (قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) وسيّدك ، وبلّغه أني لن أخرج من السجن إلا بعد أن يظهر براءتي من التهمة التي وجّهت إلي ، (فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) وأردن منه الاستجابة لرغبتهن ، وعند ما رفض ذلك كدن له ، بتلفيق تهمة الاعتداء ضدّه ، (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) فهو يعلم خفايا أمورهن ، وأسرارهن والإساءة له.
* * *
حصحص الحق وظهر
وأرسل الملك في استدعاء النسوة ، ومن بينهن امرأة العزيز (قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ) هل رأيتن فيه سوءا واستجابة لهذا النوع من الإغراء؟ وهل قام بمبادرة معيّنة في هذا الاتجاه؟ فليس من الطبيعيّ ألّا يكون له دخل في هذا الجو العابق بالشهوة والإغراء ، ما شأنكن في ذلك كله ، وما دوركنّ فيه؟ (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) فلم تكن المراودة منّا له نتيجة لقبوله بذلك ، واستعداده للتجاوب ، لأننا لم نلمح في نظراته وفي حركاته ، وفي طريقته في الكلام ، وبالتصرف أيّ شيء يوحي بالسوء من ناحية الأخلاق ، فقد كان بناؤه الأخلاقي ثابتا متينا ، وبهذا برّأن يوسف من كل ما نسب إليه.
وتوجهت الأنظار إلى امرأة العزيز التي لم تعبّر بعد عن نظرتها