الذهني والعملي الذي تحركه أجواء معينة يمكن للرجل أن يقوم به أيضا في أجواء مماثلة ، إلا أن ما يميز المرأة في هذا الشأن أن موقعها الضعيف أمام الرجل والحواجز التي تحول دون حصولها على ما ترغب تجعل الكيد أسلوبا تحتاجه للوصول إلى ما تريد ، خلافا للرجل الذي يتمتع بفضل سلطته وقوّته وموقعه المميّز ، بحرّية الحركة ، وإمكانات الوصول إلى ما يريد من أقرب طريق بشكل مباشر ، دون حاجة للحيلة الكبيرة ، والفكر الدقيق.
* * *
يوسف عليهالسلام يخرج من التجربة بنجاح
لذا أصدر الزوج الحكم لمصلحة يوسف ، ولكنه أراد للقضية ألّا تأخذ حجما كبيرا يصل بها إلى مستوى الفضيحة ، لأن ذلك يضر بمركزه ، أو يعقّد علاقته بزوجته التي كان يحبّها ـ كما يبدو من ملاحظة دورها المميز معه ـ. وبهذا فقد اعتبرها لونا من ألوان العبث الذي يدعو إليه الضعف الأنثوي ، فتوجه إليها وإلى يوسف ، وقال له : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) وانس كل ما يتعلق به ، ولا تتوقف عنده ، واعتبره أمرا طارئا ، ككل شيء يحدث بسرعة ، وينتهي بسرعة ، وقال لامرأته : (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ) في مراودتك ليوسف بما يمثله ذلك من عدوان عليه ، ومن خيانة لحقوقي الزوجية ، (إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ) في ما كنت تحاولينه من الوقوع في الزنى بطريقة الضغط والعدوان ، مما يجعل الخطيئة مضاعفة في الموقع الذي تقفين فيه.
وهكذا أسدل الستار على هذا المشهد في نطاق المشكلة التي أثارها هذا الوضع الطارئ القلق في البيت ، وعاد كل واحد إلى عالمه الخاص ، وهدأ كل شيء في الداخل ، ونجح يوسف في الامتحان الروحي الإيماني في أوّل تجربة صعبة تهزّ كل وجدانه ، وكل وجوده.
* * *