وأدفع الإنسان إلى البحث عن الحقيقة في كل جوانب ذاته وحركة كيانه ، (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وخالقهما على أساس القدرة والحكمة ، فكل شيء فيهما مخلوق لك ، وكل مخلوق بينهما عبد لك ، وكل حركة في داخلهما وخارجهما ، خاضعة لقدرتك ، فمن يملك ، معك ، أي شيء ، فأنت المالك لكل شيء ، ومنك تستمد الأشياء قوتها ، وعلاقتها ... لا من غيرك ، (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) بما تملكه من ولاية الخلق والقدرة والنعمة واللطف والرحمة ، فمنك أستمد سعادتي وهنائي في ما تتفضّل به عليّ من غفران ذنوبي وإدخالي الجنة التي وعدت بها عبادك المتقين ، ولم تبخل بها على عبادك الخاطئين التائبين ، الذين يتضرّعون إليك بقلوب نادمة على ما فرط منهم في جنب الله ، وهذا ما أريد أن أطلبه منك ، وأعيشه بين يديك ، في ما أستقبل به حياتي ومماتي ، (تَوَفَّنِي مُسْلِماً) واجعل ختام حياتي إسلاما بالروح والقلب واللسان ، كما كانت بداية حياتي كذلك ، (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) الذين آمنوا بك من موقع الصدق في الإيمان ، وأصلحوا أعمالهم من موقع الإخلاص في العمل ، وساروا على منهجك في الحياة ، في ما يعملون به ، ويطرحونه من قضايا ، وأوضاع ومشاريع ...
* * *
أنباء الغيب دليل صدق النبوة
(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) فلم يكن ـ يا محمد ـ علم به من خلال قراءة أو سماع أو مشاهدة قبل ذلك ، بل هو مما أوحيناه إليك من الغيب الذي تكفّل الله بعلمه ووحيه ، وذلك دليل صدقك في نبوتك ، (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ) على إلقاء يوسف في الجبّ ، وتلبيسهم الأمر على أبيهم ،