وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) ..
* * *
برأ إخوته بنسبة الإساءة إلى الشيطان
(وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) إلى هذه الأرض الخصبة ، وجعلكم في الموقع الأعلى الذي يهيئ لكم أفضل العيش ، وأكرم المواقع ، وفتح قلوبنا على الصفاء والمحبة والإخلاص ، بعد المحنة السوداء التي مرّت بنا في جوّ العداء الذي يتعارض مع روح الأخوّة الصافية ، (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) وهذه غاية اللياقة في تبرئة إخوته من الإساءة إليه ، وذلك بنسبة المسألة إلى الشيطان ، ليفسح لهم بذلك مجال الاعتذار ، (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ) فمن لطفه هذا اللقاء الطيب ، وهذا الصفاء الروحي الفيّاض ، (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) الذي يعلم ما يحتاجه عباده ، فيدبّر أمورهم على مقتضى الحكمة.
* * *
مناجاة يوسف عليهالسلام
وهكذا انفصل يوسف عن الجوّ الذي يحيط به ، واستغرقت روحه في مناجاة لله ، تنسى كل الناس وتغيب عن كامل أجوائهم ، لتعيش الحضور مع الله في كل شيء ، فبينما هو يخاطب أباه ، إذا به ينسى ذلك ليخاطب الله سبحانه : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) في ما مكنتني من الوسائل الكثيرة التي قفزت بي إلى مواقع الحكم والسيطرة على مقاليد حياة الناس ، (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) وما استطعت به أن أفتح الحياة على مواقع الخير في الإنسان ،