المسلمين ، ولهذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمر أصحابه بكتابة ما يوحى به إليه وتعريف (الْقَلَمِ) تعريف الجنس.
فالقسم بالقلم لشرفه بأنه يكتب به القرآن وكتبت به الكتب المقدسة وتكتب به كتب التربية ومكارم الأخلاق والعلوم وكل ذلك مما له حظ شرف عند الله تعالى.
وهذا يرجحه أن الله نوّه بالقلم في أول سورة نزلت من القرآن بقوله : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) [العلق : ٣ ـ ٥].
و (ما يَسْطُرُونَ) هي السطور المكتوبة بالقلم.
و (ما) يجوز أن تكون موصولة ، أي وما يكتبونه من الصحف ، ويجوز أن تكون مصدرية ، والمعنى : وسطرهم الكتابة سطورا.
ويجوز أن يكون قسما بالأقلام التي يكتب بها كتّاب الوحي القرآن ، (وَما يَسْطُرُونَ) قسما بكتابتهم ، فيكون قسما بالقرآن على أن القرآن ما هو بكلام مجنون كما تقدم في قوله تعالى : (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) في سورة الزخرف [٢ ـ ٣] ، وتنظيره بقول أبي تمام :
وثناياك إنها إغريض ... البيت
و (يَسْطُرُونَ) : مضارع سطر ، يقال : سطر من باب نصر ، إذا كتب كلمات عدة تحصل منها صفوف من الكتابة ، وأصله مشتق من السّطر وهو القطع ، لأن صفوف الكتابة تبدو كأنها قطع.
وضمير (يَسْطُرُونَ) راجع إلى غير مذكور في الكلام وهو معلوم للسامعين لأن ذكر القلم ينبئ بكتبة يكتبون به فكان لفظ القسم متعلقا بآلة الكتابة والكتابة ، والمقصود : المكتوب في إطلاق المصدر على المفعول ، فهو بمنزلة الفعل المبني للمجهول لأن الساطرين غير معلومين ، فكأنه قيل : والمسطور ، نظير قوله تعالى : (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) [الطور : ٢ ـ ٣].
ومن فسر (الْقَلَمِ) بمعنى تعلق علم الله تعالى بما سيكون جعل ضمير (يَسْطُرُونَ) راجعا إلى الملائكة فيكون السّطر رمزا لتنفيذ الملائكة ما أمر الله بتنفيذه حين تلقي ذلك ، أي يكتبون ذلك للعمل به أو لإبلاغه من بعضهم إلى بعض على وجه لا يقبل الزيادة ولا