والمعنى : لا يأكله إلّا هو وأمثاله من الخاطئين.
وتعريف (الْخاطِؤُنَ) للدلالة على الكمال في الوصف ، أي المرتكبون أشدّ الخطأ وهو الإشراك.
وقرأ الجمهور (الْخاطِؤُنَ) بإظهار الهمزة ، وقرأ أبو جعفر الخاطون بضم الطاء بعدها واو على حذف الهمزة تخفيفا بعد إبدالها ياء تخفيفا. وقال الطيبي : قرأ حمزة عند الوقف الخاطيون بإبدال الهمزة ياء ولم يذكره عنه غير الطيبي.
[٣٨ ـ ٤٣] (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣))
الفاء هنا لتفريع إثبات أن القرآن منزل من عند الله ونفي ما نسبه المشركون إليه ، تفريعا على ما اقتضاه تكذيبهم بالبعث من التعريض بتكذيب القرآن الذي أخبر بوقوعه ، وتكذيبهم الرسول صلىاللهعليهوسلم القائل إنه موحى به إليه من الله تعالى.
وابتدئ الكلام بالقسم تحقيقا لمضمونه على طريقة الأقسام الواردة في القرآن ، وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) [الصافات : ١].
وضمير (أُقْسِمُ) عائد إلى الله تعالى.
جمع الله في هذا القسم كل ما الشأن أن يقسم به من الأمور العظيمة من صفات الله تعالى ومن مخلوقاته الدالة على عظيم قدرته إذ يجمع ذلك كله الصلتان (بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ) ، فمما يبصرون : الأرض والجبال والبحار والنفوس البشرية والسماوات والكواكب ، وما لا يبصرون : الأرواح والملائكة وأمور الآخرة.
ولا أقسم صيغة تحقيق قسم ، وأصلها أنها امتناع من القسم امتناع تحرّج من أن يحلف بالمقسم به خشية الحنث ، فشاع استعمال ذلك في كل قسم يراد تحقيقه ، واعتبر حرف (لا) كالمزيد كما تقدم عند قوله : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) في سورة الواقعة [٧٥] ، ومن المفسرين من جعل حرف (لا) في هذا القسم إبطالا لكلام سابق وأنّ فعل (أُقْسِمُ) بعدها مستأنف ، ونقض هذا النوع بوقوع مثله في أوائل السور مثل : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) [القيامة : ١] و (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) [البلد : ١].