على إرادة شمول الضمير للنذير وأتباعه الذين يؤمنون بما جاء به.
وعموم (شَيْءٍ) في قوله : (ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) المراد منه شيء من التنزيل ، يدل على أنهم كانوا يحيلون أن ينزل الله وحيا على بشر ، وهذه شنشنة أهل الكفر قال تعالى:(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) وقد تقدم في آخر [الأنعام : ٩١].
ووصف الضلال ب (كَبِيرٍ) معناه شديد بالغ غاية ما يبلغ إليه جنسه حتى كأنه جسم كبير.
ومعنى القصر المستفاد من النفي والاستثناء في (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) قصر قلب ، أي ما حالكم التي أنتم متلبسون بها إلّا الضلال ، وليس الوحي الإلهي والهدى كما تزعمون.
والظرفية مجازية لتشبيههم تمحّضهم للضلال بإحاطة الظرف بالمظروف.
(وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠))
أعيد فعل القول للإشارة إلى أن هذا كلام آخر غير الذي وقع جوابا عن سؤال خزنة جهنم وإنما هذا قول قالوه في مجامعهم في النار تحسرا وتندما ، أي وقال بعضهم لبعض في النار فهو من قبيل قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) [الأعراف : ٣٨] إلخ. لتأكيد الإخبار على حسب الوجهين المتقدمين في موقع جملة (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) [الملك : ٩].
وذكروا ما يدل على انتفاء السمع والعقل عنهم في الدنيا ، وهم يريدون سمعا خاصا وعقلا خاصا ، فانتفاء السمع بإعراضهم عن تلقي دعوة الرسل مثل ما حكى الله عن المشركين (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) [فصلت : ٢٦] وانتفاء العقل بترك التدبر في آيات الرسل ودلائل صدقهم فيما يدعون إليه.
ولا شك في أن أقل الناس عقلا المشركون لأنهم طرحوا ما هو سبب نجاتهم لغير معارض يعارضه في دينهم ، إذ ليس في دين أهل الشرك وعيد على ما يخالف الشرك من معتقدات ، ولا على ما يخالف أعمال أهله من الأعمال ، فكان حكم العقل قاضيا بأن يتلقوا ما يدعوهم إليه الرسل من الإنذار بالامتثال إذ لا معارض له في دينهم لو لا الإلف