سعد القين فهو اسم رجل كان قينا وكان يمرّ على الأحياء لصقل سيوفهم وإصلاح أسلحتهم فكان يشيع أنه راحل غدا ليسرع أهل الحي بجلب ما يحتاج للإصلاح فإذا أتوه بها أقام ولم يرحل فضرب به المثل في الكذب فكان هذا المثل جامعا لمثلين ؛ وقد ذكره الزمخشري في «المستقصى» ، والميداني في «مجمع الأمثال» وأطال.
وأصل استعمال التثنية في معنى التكرير أنهم اختصروا بالتثنية تعداد ذكر الاسم تعدادا مشيرا إلى التكثير.
وقريب من هذا القبيل قولهم : وقع كذا غير مرة ، أي مرات عديدة.
فمعنى (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) عاود التأمّل في خلق السماوات وغيرها غير مرة والانقلاب : الرجوع يقال : انقلب إلى أهله ، أي رجع إلى منزله قال تعالى : (وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) [المطففين : ٣١] وإيثار فعل : (يَنْقَلِبْ) هنا دون : يرجع ، لئلا يلتبس بفعل (ارْجِعِ) المذكور قبله. وهذا من خصائص الإعجاز نظير إيثار كلمة (كَرَّتَيْنِ) كما ذكرناه آنفا.
والخاسئ : الخائب ، أي الذي لم يجد ما يطلبه ، وتقدم عند قوله تعالى : (قالَ اخْسَؤُا فِيها) في [سورة المؤمنين : ١٠٨].
والحسير : الكليل. وهو كلل ناشئ عن قوة التأمل والتحديق مع التكرير ، أي يرجع البصر غير واجد ما أغري بالحرص على رؤيته بعد أن أدام التأمل والفحص حتى عيي وكلّ ، أي لا تجد بعد اللأي فطورا في خلق الله.
(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥))
انتقل من دلائل انتفاء الخلل عن خلقة السماوات ، إلى بيان ما في إحدى السماوات من إتقان الصنع فهو مما شمله عموم الإتقان في خلق السماوات السبع وذكره من ذكر بعض أفراد العام كذكر المثال بعد القاعدة الكلية ، فدقائق السماء الدنيا أوضح دلالة على إتقان الصنع لكونها نصب أعين المخاطبين ، ولأن من بعضها يحصل تخلص إلى التحذير من حيل الشياطين وسوء عواقب أتباعهم. وتأكيد الخبر ب (قد) لأنه إلى أنه نتيجة الاستفهام التقريري المؤكد ب (هل) أخت (قد) في الاستفهام.