إلخ. ولم يذكر هؤلاء أن تلك الآيات من أيّة سورة كانت تعد في مكة إلى أن نزلت سورة الإنسان بالمدينة وهذا غريب. ولم يعينوا أنه في أية سورة كان مقروءا.
والأصح أنها مكية فإن أسلوبها ومعانيها جارية على سنن السور المكية ولا أحسب الباعث على عدها في المدني إلّا ما روي من أن آية (يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) [الإنسان : ٨] نزلت في إطعام علي بن أبي طالب بالمدينة مسكينا ليلة ، ويتيما أخرى ، وأسيرا أخرى ، ولم يكن للمسلمين أسرى بمكة حملا للفظ أسير على معنى أسير الحرب ، أو ما روي أنه نزل في أبي الدحداح وهو أنصاري ، وكثيرا ما حملوا نزول الآية على مثل تنطبق عليها معانيها فعبروا عنها بأسباب نزول كما بيناه في المقدمة الخامسة.
وعدّها جابر بن زيد الثامنة والتسعين في ترتيب نزول السور. وقال : نزلت بعد سورة الرحمن وقبل سورة الطلاق. وهذا جري على ما رآه أنها مدنية.
فإذا كان الأصح أنها مكية أخذا بترتيب مصحف ابن مسعود فتكون الثلاثين أو الحادية والثلاثين وجديرة بأن تعد قبل سورة القيامة أو نحو ذلك حسبما ورد في ترتيب ابن مسعود.
روي أبو داود في باب تحزيب القرآن من «سننه» عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قال : «كان النبي صلىاللهعليهوسلم يقرأ النظائر السورتين وعدّ سورا فقال : و (هَلْ أَتى) و (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) في ركعة». قال أبو داود : هذا تأليف ابن مسعود (أي تأليف مصحفه) : واتفق العادّون على عد آيها إحدى وثلاثين.
أغراضها
التذكير بأن كل إنسان كوّن بعد أن لم يكن فكيف يقضي باستحالة إعادة تكوينه بعد عدمه.
وإثبات أن الإنسان محقوق بإفراد الله بالعبادة شكرا لخالقه ومحذّر من الإشراك به.
وإثبات الجزاء على الحالين مع شيء من وصف ذلك الجزاء بحالتيه والإطناب في وصف جزاء الشاكرين.
وأدمج في خلال ذلك الامتنان على الناس بنعمة الإيجاد ونعمة الإدراك والامتنان بما أعطيه الإنسان من التمييز بين الخير والشر وإرشاده إلى الخير بواسطة الرسل فمن