إليه ، وبعكسه التأخر ، فحذف متعلق (يَتَقَدَّمَ) و (يَتَأَخَّرَ) لظهوره من السياق.
ويجوز أن يقدر : لمن شاء أن يتقدم إليها ، أي إلى سقر بالإقدام على الأعمال التي تقدمه إليها ، أو يتأخر عنها بتجنب ما من شأنه أن يقربه منها.
وتعليق (نَذِيراً) بفعل المشيئة إنذار لمن لا يتذكر بأن عدم تذكره ناشئ عن عدم مشيئته فتبعته عليه لتفريطه على نحو قول المثل «يداك أوكتا وفوك نفخ» ، وقد تقدم في سورة المزمل [١٩] قوله : (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) وفي ضمير (مِنْكُمْ) التفات من الغيبة إلى الخطاب لأن مقتضى الظاهر أن يقال : لمن شاء منهم ، أي من البشر.
[٣٨ ـ ٤٨] (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨))
استئناف بياني يبين للسامع عقبى الاختيار الذي في قوله : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) [المدثر : ٣٧] أي كل إنسان رهن بما كسب من التقدم أو التأخر أو غير ذلك فهو على نفسه بصيرة ليكسب ما يفضي به إلى النعيم أو إلى الجحيم.
و (رَهِينَةٌ) : خبر عن (كُلُّ نَفْسٍ) وهو بمعنى مرهونة.
والرهن : الوثاق والحبس ومنه الرهن في الدين ، وقد يطلق على الملازمة والمقارنة ، ومنه : فرسا رهان ، وكلا المعنيين يصح الحمل عليه هنا على اختلاف الحال ، وإنما يكون الرهن لتحقيق المطالبة بحق يخشى أن يتفلت منه المحقوق به ، فالرهن مشعر بالأخذ بالشدة ومنه رهائن الحرب الذين يأخذهم الغالب من القوم المغلوبين ضمانا لئلا يخبس القوم بشروط الصلح وحتى يعطوا ديات القتلى فيكون الانتقام من الرهائن.
وبهذا يكون قوله : (كُلُّ نَفْسٍ) مرادا به خصوص أنفس المنذرين من البشر فهو من العام المراد به الخصوص بالقرينة ، أي قرينة ما تعطيه مادة رهينة من معنى الحبس والأسر.
والباء للمصاحبة لا للسببية.