والعبوس : صفة مشبهة لمن هو شديد العبس ، أي كلوح الوجه وعدم انطلاقه ، ووصف اليوم بالعبوس على معنى الاستعارة. شبه اليوم الذي تحدث فيه حوادث تسوؤهم برجل يخالطهم يكون شرس الأخلاق عبوسا في معاملته.
والقمطرير : الشديد الصعب من كل شيء. وعن ابن عباس : القمطرير المقبض بين عينيه مشتق من قمطر القاصر إذا اجتمع ، أو قمطر المتعدي إذا شد القربة بوكاء ونحوه ، ومنه سمي السفط الذي توضع فيه الكتب قمطرا وهو كالمحفظة. وميم قمطرير أصلية فوزنه فعلليل مثل خندريس وزنجبيل ، يقال : قمطر للشر ، إذا تهيأ له وجمع نفسه.
والجمهور جعلوا (قَمْطَرِيراً) وصف (يَوْماً) ومنهم من جعلوه وصف (عَبُوساً) أي شديد العبوس.
وهذه الآية تعمّ جميع الأبرار وعلى ذلك التحم نسجها ، وقد تلقفها القصاصون والدعاة فوضعوا لها قصصا مختلفة وجاءوا بأخبار موضوعة وأبيات مصنوعة فمنهم من زعم أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب وفاطمة رضياللهعنهما في قصة طويلة ذكرها الثعلبي والنقاش وساقها القرطبي بطولها ثم زيفها. وذكر عن الحكيم الترمذي أنه قال في «نوادر الأصول» : هذا حديث مروّق مزيف وأنه يشبه أن يكون من أحاديث أهل السجون.
وقيل نزلت في مطعم بن ورقاء الأنصاري ، وقيل في رجل غيره من الأنصار ، وقد استوفى ذلك كله القرطبي في تفسيره فلا طائل تحت اجتلابه ، وأصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وآله أهل لأن ينزل القرآن فيهم إلّا أن هذه الأخبار ضعيفة أو موضوعة.
[١١ ـ ١٤] (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١) وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢) مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤))
تفريع على قوله : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) إلى (قَمْطَرِيراً) [الإنسان : ٧ ـ ١٠].
وفي هذا التفريع تلوين للحديث عن جزاء الأبرار وأهل الشكور ، وهذا برزخ للتخلص إلى عود الكلام على حسن جزائهم أن الله وقاهم شرّ ذلك اليوم وهو الشر المستطير المذكور آنفا ، وقاهم إياه جزاء على خوفهم إياه وأنه لقاهم نضرة وسرورا جزاء