وأشارت إلى الطوفان.
ودعاء نوح بالمغفرة له وللمؤمنين ، وبالتبار للكافرين كلهم.
وتخلل ذلك إدماج وعد المطيعين بسعة الأرزاق وإكثار النسل ونعيم الجنة.
(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١))
افتتاح الكلام بالتوكيد للاهتمام بالخبر إذ ليس المقام لرد إنكار منكر ، ولا دفع شك عن متردد في هذا الكلام. وكثيرا ما يفتتح بلغاء العرب أول الكلام بحرف التوكيد لهذا الغرض وربما جعلوا (إن) داخلة على ضمير الشأن في نحو قوله تعالى : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَ) الآية [النمل : ٣٠ ، ٣١].
وذكر نوح عليهالسلام مضى في سورة آل عمران. وتقدم أن هذا الاسم غير عربي ، وأنه غير مشتق من مادة النّوح.
و (أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) إلى آخره هو مضمون ما أرسل به نوح إلى قومه ، ف (أَنْ) تفسيرية لأنها وقعت بعد (أَرْسَلْنا). وفيه معنى القول دون حروفه. ومعنى (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أنه يخوفهم غضب الله تعالى عليهم إذ عبدوا الأصنام ولم يتقوا الله ولم يطيعوا ما جاءهم به رسوله ، فأمره الله أن ينذرهم عذابا يأتيهم من الله ليكون إنذاره مقدّما على حلول العذاب. وهذا يقتضي أنه أمر بأن يعلمهم بهذا العذاب ، وأن الله وقّته بمدة بقائهم على الشرك بعد إبلاغ نوح إليهم ما أرسل به في مدة يقع الإبلاغ في مثلها ، فحذف متعلّق فعل (أَنْذِرْ) لدلالة ما يأتي بعده من قوله : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) [نوح : ٣].
وحرف (مِنْ) زائد للتوكيد ، أي قبل أن يأتيهم عذاب فهي قبليّة مؤكدة وتأكيدها باعتبار تحقيق ما أضيف إليه (قَبْلِ).
و «قوم نوح» هم الناس الذين كانوا عامرين الأرض يومئذ ، إذ لا يوجد غيرهم على الأرض كما هو ظاهر حديث الشفاعة وذلك صريح ما في التوراة.
والقوم : الجماعة من الناس الذين يجمعهم موطن واحد أو نسب واحد برجالهم ونسائهم وأطفالهم.
وإضافة (قوم) إلى ضمير نوح لأنه أرسل إليهم فلهم مزيد اختصاص به ، ولأنه