الاستفهام. و (من) الأولى والثانية في قوله : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا) أو قوله : (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا) موصولتان ومحملهما أن المراد منهما فريق المؤمنين وفريق المشركين ، وقيل : أريد شخص معيّن أريد بالأولى أبو جهل ، وبالثانية النبي صلىاللهعليهوسلم أو أبو بكر أو حمزة رضياللهعنهما.
(قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٢٣))
هذا انتقال من توجيه الله تعالى الخطاب إلى المشركين للتبصير بالحجج والدلائل وما تخلل ذلك من الوعيد أو التهديد إلى خطابهم على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يقول لهم ما سيذكر تفننا في البيان وتنشيطا للأذهان حتى كأنّ الكلام صدر من قائلين وترفيعا لقدر نبيئهصلىاللهعليهوسلم بإعطائه حظا من التذكير معه كما قال تعالى : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) [الدخان : ٥٨].
والانتقال هنا إلى الاستدلال بفروع المخلوقات بعد الاستدلال بأصولها ، ومن الاستدلال بفروع أعراض الإنسان بعد أصلها ، فمن الاستدلال بخلق السماوات والأرض والموت والحياة ، إلى الاستدلال بخلق الإنسان ومداركه ، وقد أتبع الأمر بالقول بخمسة مثله بطريقة التكرير بدون عاطف اهتماما بما بعد كل أمر من مقالة يبلغها إليهم الرسولصلىاللهعليهوسلم قال : (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) ، إلخ.
والضمير (هُوَ) إلى (الرَّحْمنِ) من قوله : (مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) [الملك : ٢٠].
والإنشاء : الإيجاد.
وإفراد (السَّمْعَ) لأن أصله مصدر ، أي جعل لكم حاسة السمع ، وأما (الْأَبْصارَ) فهو جمع البصر بمعنى العين ، وقد تقدم وجه ذلك عند قوله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) في سورة البقرة [٧] و (الْأَفْئِدَةَ) القلوب ، والمراد بها العقول ، وهو إطلاق شائع في استعمال العرب.
والقصر المستفاد من تعريف المسند إليه والمسند في قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) إلى آخره قصر إفراد بتنزيل المخاطبين لشركهم منزلة من يعتقد أن الأصنام شاركت الله في الإنشاء وإعطاء الإحساس والإدراك.
و (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) حال من ضمير المخاطبين ، أي أنعم عليكم بهذه النعم في