والمشركون متوكلون على أصنامهم وقوتهم وأموالهم ، فقيل : نحن لا نتكل على ما أنتم متكلون عليه ، بل على الرحمن وحده توكلنا.
وفعل (فَسَتَعْلَمُونَ) معلق عن العمل لمجيء الاستفهام بعده.
وقرأ الجمهور (فَسَتَعْلَمُونَ) بتاء الخطاب على أنه مما أمر بقوله الرسولصلىاللهعليهوسلم. وقرأه الكسائي بياء الغائب على أن يكون إخبارا من الله لرسوله بأنه سيعاقبهم عقاب الضالّين.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠))
إيماء إلى أنهم يترقبهم عذاب الجوع بالقحط والجفاف فإن مكة قليلة المياه ولم تكن بها عيون ولا آبار قبل زمزم ، كما دل عليه خبر تعجب القافلة من (جرهم) التي مرّت بموضع مكة حين أسكنها إبراهيم عليهالسلام هاجر بابنه إسماعيل ففجّر الله لها زمزم ولمحت القافلة الطير تحوم حول مكانها فقالوا : ما عهدنا بهذه الأرض ماء ، ثم حفر ميمون بن خالد الحضرمي بأعلاها بئرا تسمى بئر ميمون في عهد الجاهلية قبيل البعثة ، وكانت بها بئر أخرى تسمى الجفر (بالجيم) لبني تيم بن مرة ، وبئر تسمى الجم ذكرها ابن عطية وأهملها «القاموس» و «تاجه» ، ولعل هاتين البئرين الأخيرتين لم تكونا في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم.
فماء هذه الآبار هو الماء الذي أنذروا بأنه يصبح غورا ، وهذا الإنذار نظير الواقع في سورة القلم [١٧ ـ ٣٣] (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) إلى قوله : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
والغور : مصدر غارت البئر ، إذا نزح ماؤها فلم تنله الدلاء.
والمراد : ماء البئر كما في قوله : (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) في ذكر جنة سورة الكهف [٤١].
وأصل الغور : ذهاب الماء في الأرض ، مصدر غار الماء إذا ذهب في الأرض ، والإخبار به عن الماء من باب الوصف بالمصدر للمبالغة مثل : عدل ورضى. والمعين : الظاهر على وجه الأرض ، والبئر المعينة : القريبة الماء على وجه التشبه.
والاستفهام في قوله : (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ) استفهام إنكاري ، أي لا يأتيكم أحد بماء معين : أي غير الله واكتفي عن ذكره لظهوره من سياق الكلام ومن قوله قبله