والآخرين.
والاستفهام للتقرير استدلالا على إمكان البعث بطريقة قياس التمثيل.
والمراد بالأولين الموصوفون بالأولية أي السبق في الزمان ، وهذا يقرّ به كل جيل منهم مسبوق بجيل كفروا.
فالتعريف في (الْأَوَّلِينَ) تعريف العهد ، والمراد بالأولين جميع أمم الشرك الذين كانوا قبل مشركي عصر النبوة.
والإهلاك : الإعدام والإماتة. وإهلاك الأولين له حالتان : حالة غير اعتيادية تنشأ عن غضب الله تعالى ، وهو إهلاك الاستئصال مثل إهلاك عاد وثمود ، وحالة اعتيادية وهي ما سن الله عليه نظام هذا العالم من حياة وموت.
وكلتا الحالتين يصح أن تكون مرادا هنا ، فأما الحالة غير الاعتيادية فهي تذكير بالنظر الدال على أن الله لا يرضى عن الذين كذبوا بالبعث.
وأما الحالة الاعتيادية فدليل على أن الذي أحيا الناس يميتهم فلا يتعذر أن يعيد إحياءهم.
[١٧ ـ ١٨] (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨))
حرف (ثمّ) للتراخي الرتبي لأن التهديد أهم من الإخبار عن أهل المحشر ، لأنه الغرض من سوق هذا كله ، ولأن إهلاك الآخرين أشدّ من إهلاك الأولين لأنه مسبوق بإهلاك آخر.
ووقعت جملة (كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) موقع البيان لجملة (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) [المرسلات : ١٦ ، ١٧] ، وهو كالتذييل يبين سبب وقوع إهلاك الأولين وأنه سبب لإيقاع الإهلاك بكل مجرم ، أي تلك سنة الله في معاملة المجرمين فلا محيص لكم عنها.
وذكر وصف المجرمين إيماء إلى أن سبب عقابهم بالإهلاك هو إجرامهم.
والإشارة في قوله : (كَذلِكَ) إلى الفعل المأخوذ من (نَفْعَلُ) ، أي مثل ذلك الفعل نفعل.