من ادعوا النبوءة في الإسلام مثل (بابك ومازيار).
وقال الفخر : «قيل : اليمين بمعنى القوة والقدرة ، والمعنى : لأخذنا منه اليمين ، أي سلبنا عنه القوة ، والباء على هذا التقدير صلة زائدة. واعلم أن حاصل هذا أنه لو نسب إلينا قولا لم نقله لمنعناه عن ذلك : إما بواسطة إقامة الحجة فإنا نقيض له من يعارضه فيه وحينئذ يظهر للناس كذبه فيه فيكون ذلك إبطالا لدعواه وهدما لكلامه ، وإما بأن نسلب عنه القدرة على التكلم بذلك القول ، وهذا هو الواجب في حكمة الله تعالى لئلا يشتبه الصادق بالكاذب» ا ه. فركّب من تفسير اليمين بمعنى القوة ، أن المراد قوة المتقوّل لا قوة الله وانتزع من ذلك تأويل الباء على معنى الزيادة ولم يسبقه بهذا التأويل أحد من المفسرين ولا تبعه فيه من بعده فيما رأينا. وفيه نظر ، وقد تبين بما فسرنا به الآية عدم الاحتجاج إلى تأويل الفخر.
(وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨))
عطف على (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [الحاقة : ٤٠] ، والضمير عائد إلى القرآن الذي تقدم ضميره في قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) ، فلما أبطل طعنهم في القرآن بأنه قول شاعر ، أو قول كاهن أعقب ببيان شرفه ونفعه ، إمعانا في إبطال كلامهم بإظهار الفرق البيّن بينه وبين شعر الشعراء وزمزمة الكهان ، إذ هو تذكرة وليس ما ألحقوه به من أقوال أولئك من التذكير في شيء.
والتذكرة : اسم مصدر التذكير وهو التنبيه إلى مغفول عنه.
والإخبار ب (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ) إخبار بالمصدر للمبالغة في الوصف. والمعنى : أنه مذكّر للناس بما يغفلون عنه من العلم بالله وما يليق بجلاله لينتشلهم من هوة التمادي في الغفلة حتى يفوت الفوات ، فالقرآن في ذاته تذكرة لمن يريد أن يتذكر سواء تذكّر أم لم يتذكر ، وقد تقدم تسمية القرآن بالذكر والتذكير في آيات عديدة منها قوله تعالى في سورة طه [٣] (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) وقوله : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) في سورة [الحجر : ٦].
والمراد بالمتقين المؤمنون فإنهم المتصفون بتقوى الله لأنهم يؤمنون بالبعث والجزاء دون المشركين. فالقرآن كان هاديا إياهم للإيمان كما قال تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة :٢] وكلما نزل منه شيء أو تلوا منه شيئا ذكرهم بما علموا لئلا تعتريهم غفلة أو نسيان