ملك الله تعالى ، وإلى نظر في مخلوقاته ودقائق أحوالها الدالة على عظيم قدرة الله تعالى ، فالنظر إلى عظمة السموات والأرض دليل على عظم ملك الله تعالى فهو الحقيق بالإلهية دون غيره ، والنظر إلى المخلوقات دليل على عظم قدرته تعالى ، وأنه المنفرد بالصنع فهو الحقيق بالإلهية ، فلو نظروا في ذلك نظر اعتبار ؛ لعلموا أن صانع ذلك كله ليس إلا إله واحد ، فلزال إنكارهم دعوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى إبطال الشرك.
وقوله : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) معطوف على (وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ).
و (أَنْ) هذه هي أن المفتوحة الهمزة المشددة النون خففت ، فكان اسمها ضمير شأن مقدرا. وجملة : (عَسى أَنْ يَكُونَ) إلخ خبر ضمير الشأن.
و (أَنْ) التي بعد عسى مصدرية هي التي تزاد بعد عسى غالبا في الاستعمال.
واسم (يَكُونَ) ضمير شأن أيضا محذوف ، لأن ما بعد (يكون) غير صالح لأن يعتبر اسما لكان ، والمعنى ألم ينظروا في توقع قرب أجلهم.
وصيغ الكلام على هذا النظم ؛ لإفادة تهويل الأمر عليهم وتخويفهم ، بجعل متعلق النظر من معنى الإخبار للدلالة على أنه أمر من شأنه أن يخطر في النفوس ، وأن يتحدث به الناس ، وأنه قد صار حديثا وخبرا فكأنه أمر مسلم مقرر.
وهذا موقع ضمير الشان حيثما ورد ، ولذلك يسمى : ضمير القصة اعتدادا بأن جملة خبره قد صارت شيئا مقررا ومما يقصه الناس ويتحدثون به.
ومعنى النظر في توقع اقتراب الأجل ، التخوف من ذلك.
والأجل المضاف إلى ضمير المكذبين هو أجل الأمة لا أجل الأفراد ، لأن الكلام تهديد بأجل غير متعارف ، نبههم إلى التفكر في توقع حلول الاستئصال بهم وإهلاكهم كما هلك المكذبون من قبلهم ، لأنهم إذا تفكروا في أن صاحبهم ليس بمجنون حصل لهم العلم بأنه من العقلاء ، فما كان العاقل بالذي يحدث لقومه حادثا عظيما مثل هذا ، ويحدث لنفسه عناء كهذا العناء لغير أمر عظيم جاء به ، وما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله ، وإذا نظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء علموا أن الله الملك الأعظم ، وأنه خالق المخلوقات ، فأيقنوا بأنه الإله الواحد ، فآل ذلك إلى تصديق الرسول عليه الصلاة والسلام ، وإبطال معتقدهم تعدد الآلهة أو آل في أقل