الثاني عشر عن فرعون ، «فقال قوموا اخرجوا أنتم وبنو إسرائيل جميعا واذهبوا اعبدوا ربكم» وقد كان عبدة الأرباب الكثيرين يجوز أن تغلب بعض الأرباب على بعض مثل ما يحدث بين الملوك كما تدل عليه أساطير (الميثولوجيا) اليونانية ، وقصة الياذة (هوميروس) ، فبدا لفرعون أن وجه الفصل مع بني إسرائيل أن يعبدوا ربهم في أرض غير أرض مصر التي لها أرباب أخر ولذلك قال (رَبَّكَ) ولم يقل ربنا.
وحذف متعلق فعل الدعاء لظهور المراد ، أي ادع لنا ربك بأن يكف عنا ، كما دل عليه قوله بعد (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ) ووقع في التوراة في الإصحاح الثاني عشر قول فرعون لموسى وهارون (واذهبوا وباركوني أيضا).
وقد انبرم حال موسى على فرعون فلم يدر أهو رسول من إله غير آلهة القبط فلذلك قال له (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) ، أي : بما عرفك وأودع عندك من الأسرار ، وهذه عبارة متحير في الأمر ملتبسة عليه الأدلة.
والباء في (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) لتعدية فعل الدعاء. و (ما) موصولة مبهمة ، أي ادعه بما علمك ربك من وسائل إجابة دعائك عند ربك ، وهذا يقتضي أنهم جوزوا أن يكون موسى مبعوثا من رب له بناء على تجويزهم تعدد الآلهة.
وجملة (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ) مستأنفة استئنافا بيانيا ، لأن طلبهم من موسى الدعاء بكشف الرجز عنهم مع سابقيّة كفرهم به يثير سؤال موسى أن يقول : فما الجزاء على ذلك.
واللام موطئة للقسم ، وجملة : (لَنُؤْمِنَنَ) جواب القسم.
ووعدهم بالإيمان لموسى وعد بالإيمان بأنه صادق في أنه مرسل من رب بني إسرائيل ليخرجهم من أرض مصر ، وليس وعدا باتباع الدين الذي جاء به موسى عليهالسلام ، لأنهم مكذبون به في ذلك وزاعمون أنه ساحر يريد إخراج الناس من أرضهم ولذلك جاء فعل الإيمان متعلقا بموسى لا باسم الله ، وقد جاء هذا الوعد على حسب ظنهم أن الرب الذي يدعو إليه موسى هو رب خاص به وبقومه ، كما دل عليه قوله : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) وقد وضحوا مرادهم بقولهم : (وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ).
وجملة (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ) دالة على أن موسى دعا الله برفع الطاعون فارتقع وقد جاء ذلك صريحا في التوراة ، وحذف هنا للإيجاز.