وفيها عصي عمروس (١) بالثغر ، ثم أناب للطاعة ، ومات مخلصا في مدة الحكم ، فكانت ولايته على الثغر تسع سنين وعشرة أشهر وأياما.
سنة سبع وتسعين
فيها غزا عبيد الله بن عبد الله (٢) البلنسي صاحب الصوائف ، فحلّ ببرشلونة (٣) ، فلما كان حضور صلاة الجمعة ، وقد تقدم في ملاقاة العدو صلى ركعتين ، وركب ، فنصره الله عليهم ، فدعا بقناة طويلة ، فركزت ، وصفّت رؤوس النصارى حولها ، حتى ارتفعت فوقها ، وغيّبت سنانها ، فأمر المؤذنين ، فعلوها ، وأذّنوا ، فكانت غزوة اختال الإسلام في أردية عزّتها دهرا.
سنة تسع وتسعين
غزا الحكم طليطلة ، وقد أظهر قصد مرسية ، فعاث فيهم أشدّ العيث ونقل وجوههم إلى قرطبة ، فذلّوا بعدها دهرا طويلا.
سنة إحدى ومائتين
فيها نكث أهل ماردة ، وقام بأمرها مروان بن الجليقي.
سنة اثنتين ومائتين
فيها كانت وقعة الرّبض ، كان أصل ما هاجها أن بعض مماليك الحكم دفع سيفا إلى صيقل فمطله ، والغلام يتكرّر عليه ، والصّيقل يتهكّم به ، فأغلظ الغلام للصّيقل ، وآل الأمر إلى أن خبطه به الصيقل ، فقتله ، وثار الهيج لوقته ، كأنما الناس كانوا يرتقبونه ، فهتفوا بالخلعان ، وأوّل من شهر السلاح أهل الرّبض القبلي بعدوة النهر ، ثم ثار أهل المدينة والأرباض ، وانحاز الأمويون وأتباعهم إلى القصر ، فارتقى الحكم السّطح ، وحرّك حفائظ جنده ، فآل الأمر إلى أن غلبهم الجند ، وأفشوا القتل ، وتتبعوا في الدور. وقتل الحكم بعد ذلك من أسراهم نحو ثلاثمائة ، صلبهم على النهر. وكان يوم هذه الوقعة يوم الأربعاء لثلاث عشرة خلت من رمضان سنة اثنتين ومائتين. فلما كان في اليوم الثاني أمر بهدم الرّبض القبليّ ، حتى صار مزرعة ، ولم يعمر طول مدة بني أمية ، وتتبّع دور أهل الخلاف في غيره بالهدم والإحراق. وبعد ثلاثة أيام أمر برفع القتل والأمان على أن يخرجوا
__________________
(١) هو عمروس بن يوسف ، تولى الحكم على الثغر. ترجمته في تاريخ ابن خلدون (ج ٤ / ص ١٢٦).
(٢) عبيد الله بن عبد الله البلنسي : كان يقود الجيش في عهد الحكم وابنه عبد الرحمن نفح الطيب (ج ١ / ص ٣٣٢).
(٣) برشلونة : مرفأ في شمال شرقي إسبانيا على المتوسط قاعدة إقليم قتالونية ، فتحها العرب في عهد موسى بن نصير. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ١٢٥).