الجزيري ، ثم كتب لملوك الفتنة ، ورقّاه للوزارة المستظهر. وكان واسطة السّلك ، وقطب رحى الملك. وبنو برد موالي بني شهيد. وتوفي بسرقسطة سنة ثمان عشرة وأربعمائة ، وقد نيّف على الثمانين.
وعنوان بلاغته في النثر ، قوله من رسالة عن المظفّر حين قتل صهره [عيسى بن] سعيد بن القطاع : أيها الناس ، وفّقكم الله بعصمته ، واستنقذكم برحمته ، إنّ من علم منكم حال الخائن عيسى بن سعيد بالمشاهدة ، ورأى مبلغ النعمة عليه بالمحاضرة ، فقد اكتفى بما شهد ، واجتزأ بما حضر ، ومن غاب عنه كنه ذلك ، فليعلم أنا أخذناه من الحضيض الأوهد ، وانتشلناه من شظف العيش الأنكد ، ورفعنا خسيسته ، وأتمنا نقيصته ، وخوّلناه صنوف الأموال ، وصيرنا حاله فوق الأحوال ، بدأ بذلك المنصور مولاي رحمهالله ، فاعتمدته ، وأسبغت من نعمي عليه ، ما أحوج العامّة والخاصة إليه ، فلا أقرّ لنا بحق ، ولا قابل إحساسنا بصدق ، ولا عامل رعيّتنا برفق ، ولا تناول خدمتنا بحذق ، بل أعلن بالمعاصي ، واستذل الأعزّة ، وذوي الهيئات والمروّة ، وناجزهم وأنس بأضدادهم ، ونبذ عهودنا ، وخالف سبلنا ، وكدّر على الناس صفوفنا ، حتى إذا ملكه الأشر ، وتناهى به البطر ، وعلت به الأمور ، وغره بالله الغرور ، وحاول شقّ عصا الأمة ، وهدّ ركن الخلافة ، بما احتجن من حرام الأموال ، واستمال من طعام الرجال ، فحجّته نعمنا عليه ، وخصمته عوارفنا لديه ، وكشف لنا سريرته ، حتى صرعه بغيه ، وأسلمه غدره ، وأخذه الله بما اجترح ، وأوبقه بما اكتسب ، فأعجلناه عن تدبيره ، وصار إلى نار الله وسعيره.
وكان ابن القطاع قد أراد أن يقلب الدولة ، ويولّي الخلافة هشام بن عبد الجبار بن الناصر المرواني ، فقتله ، المظفر في مجلس شراب.
ومن كتاب الياقوت في حلى ذوي البيوت
١٣٢ ـ عبد الرحمن بن محمد بن النظام (١)
من المسهب : أنه كان من نبهاء الدولة العامرية ، وأنشد له ملغزا في مبخرة :
وجاثمة لها ابن مستطار |
|
يفارق جسمه عند احتراق |
ولم أر قبله من ذي نعيم |
|
يحرّق جسمه والرّوح باق |
__________________
(١) ترجمته في جذوة المقتبس (ص ٢٥١) وبغية الملتمس (ص ٣٤٤).