وأخبرني والدي : أنه جالس تاشفين أمير الملثمين ، وجالس عبد المؤمن ، ونفاه عبد المؤمن إلى مكناسة ، ثم عفا عنه. وهو ممن مدحه بجبل الفتح بقصيدة أولها :
ما الفخر إلا فخر عبد المؤمن
ومن كتاب نجوم السماء في حلى العلماء
٢٤١ ـ إلياس بن صدّود اليهودي الطبيب (١)
في المسهب : أنه كان في صدر المائة السادسة ، وأنشد له قوله (٢) : [الكامل]
لا تخدعنّ فما تكون مودّة |
|
ما بين مشتركين أمرا واحدا |
انظر إلى القمرين حين تشاركا |
|
بسناهما كان التلاقي فاسدا |
ومن كتاب مصابيح الظلام في حلى الناظمين لدرّ الكلام
٢٤٢ ـ حبلاص الشاعر الرندي (٣)
كان شاعرا برندة ، لا يؤبه به لاختلال عقله ، وكان ساقط الهمّة ، لا يتعدّى صلة الدرهم والدرهمين ، إلى أن حل برندة أحد رؤساء الملثمين ، فمدحه بقصيدة ، وقع له فيها (٤) : [الطويل]
ولو لم تكن كالبدر نورا (٥) ورفعة |
|
لما كنت عزّا (٦) بالسّحاب ملثّما |
وما ذاك إلا للنّوال علامة |
|
كذا القطر مهما لثّم الأفق أتهما (٧) |
فأعجبه هذا ، وأمر له بكسوة وعشرة دنانير ، فهرب حبلاص حين حصل ذلك في يده من يومه ، فقيل له بعد ذلك : لم فررت بالكسوة والذهب وما ذاك إلا دليل الخير ومبشر بما بعده؟
فقال : والله ما رأيت قط في يدي دينارا واحدا ، وما حسبت أن في الدنيا من يعطي هذا العدد ، فلما حصل في يدي ظننت أنه سكران أو مجنون ، فبادرت الهرب خوفا من أن يبدو له فيها!
__________________
(١) ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٧٥) باسم : «إلياس بن اليهودي الطبيب الرندي».
(٢) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٧٥).
(٣) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٧٤).
(٤) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٧٤).
(٥) في النفح : فورا ورفعة.
(٦) في النفح : غرّا.
(٧) في النفح : انهمى.