هذا المنادي إلى الله تعالى ، وهو أحق بالإجابة ، ومرّ إلى المسجد ، فلم ينكر عليه شيئا بل زاده حظوة ، وكان يكثر من مجالسته. وبلي بمحاربة عمّيه عبد الله وسليمان ، وكانا قد خرجا إلى برّ العدوة ، فلما سمعا بموت الرّضا كرّا إلى الأندلس ، وكان السابق بالعبور عبد الله ، تعصّب معه أهل بلنسية ، وتلوّم بعده سليمان بطنجة (١) ، فكتب له عبد الله ، فجاز إليه ، ونهض سليمان إلى قرطبة ، فهزمه الحكم الهزيمة القبيحة ، ثم هزمه أقبح منها ، وانكبّ به فرسه ، وسيق أسيرا ؛ فجاء رسول من الحكم بقتله ، فقتل ، وشهّر رأسه بقرطبة ، وسقط. في يد عبد الله ، فصالح الحكم على الإقامة ببلنسية ، ولم يزل على ذلك حياة الحكم. واتهم الحكم عمّه أمية ، فحبسه.
نسق التاريخ
سنة ثمانين ومائة
غزا بالصّائفة الحاجب عبد الكريم بن عبد الواحد (٢) ، وقفل مثقلا بالغنائم.
سنة إحدى وثمانين
ظهر بهلول بن أبي الحجاج بجهة الثغر الأعلى وملك سرقسطة (٣).
وفيها ثار عبيد بن خمير بطليطلة ، فكاتب الحكم أعيانا منها ، عملوا في قتله.
[سنة اثنتين وتسعين
جمع لذريق بن قارلة ملك الإفرنج جموعه وسار إلى حصار طرطوشة فبعث الحكم ابنه عبد الرحمن في العساكر فهزمه وفتح الله على المسلمين وعاد ظافرا].
ولبث كليب في السجن بداخل القصر ستّا وعشرين سنة ، إذ كان الأمير هشام هو الذي سجنه ، وكان له فيما بعد ذلك غزوات في النصارى والمنافقين ظفر فيها.
سنة أربع وتسعين
حاصر الحكم ماردة (٤) بنفسه.
__________________
(١) طنجة : مدينة في المملكة المغربية على مضيق جبل طارق. كانت مركزا تجاريا للفينيقيين ثم مستعمرة يونانية ، أصبحت منطقة دولية عام ١٩٢٣ ـ ١٩٥٦ م. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٤٣٧).
(٢) عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث وزير الحكم وقائد جيوشه. بعث الحكم العساكر مع عبد الكريم بن عبد الواحد إلى ألبة والقلاع. نفح الطيب (ج ١ / ص ٣٢٦).
(٣) سرقسطة : مدينة في إسبانيا ، كانت في عهد العرب الذين فتحوها ، تنسج الثياب الرقيقة المعروفة بالسرقسطية. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٣٥٤).
(٤) ماردة : من مدن مملكة بطليوس ، أفرد لها المؤلف كتابا في هذا الجزء (ص ٣٦١).