أنه قصد بعد ابن ذي النون المعتمد بن عباد ، فلم يحمده ، وكتب له رسالة بعد انفصاله عنه ، فيها :
رحلت وفي القلب جمر الغضا |
|
وهجري لكم دون شكّ صواب |
كما تهجر النفس طيب الطعام |
|
إذا ما تساقط فيه الذّباب |
وذمه ابن اللبانة في كتاب سقيط (١) الدرر ، لأن المعتمد بن عباد كان يعظمه ، ويجزل إحسانه له ، فلما خلع ظهر منه في حقه قلة وفاء وادّعى أن جارية ولدت من ولد المعتمد في ملكه ، وأنها غصبت له ، فأخذها ، ومعها ولد صغير من ولد المعتمد استعبده ، وصار يصرّفه فيما يصرّف فيه العبيد.
ومن كتاب مصابيح الظلام في حلى الناظمين لدر الكلام
٦٣ ـ أبو الأجرب جعونة الكلابي (٢)
من المقتبس : أنه كان مداحا للصّميل (٣) وزير يوسف بن عبد الرحمن الفهري سلطان الأندلس ، أفنى فيه قوافيه ، وكان الصميل قد أغلظ القسم على نفسه ألا يراه إلا أعطاه ما حضره ، فكان أبو الأجرب يعتمد إغباب لقائه ، وكان لا يزوره إلا مرتين في العيدين ، وكان قد هجاه وهجا قومه ، فلما حصل في يده عفا عنه فنسخ هجوه بمدحه.
قال : وكان فارسا شجاعا ، يدعى عنترة الأندلس ، لم يلحق دولة بني أمية. قيل إنه مات قبل وقعة المصارة ، التي كانت لعبد الرحمن على يوسف.
ومن الجذوة : أنه جعونة بن الصّمّة ، وأنشد له :
ولقد أراني من هوى بمنزل |
|
عال ورأسي ذو غدائر أفرع |
والعيش أغيد ساقط أفنانه |
|
والماء أطيبه لنا والمرتع |
وجعله ابن حزم في طبقة جرير والفرزدق وعصرهما وذكر الحجاري أنه من العرب الطارئين على الأندلس ، كان يرحل ويحلّ بأكناف قرطبة.
__________________
(١) كتاب سقيط الدرر والقيط الزهر ، في شعر بني عباد لأبي بكر محمد بن عسى ابن اللبانة (اللبان) الشاعر المتوفى سنة ٥٠٧ ه. كشف الظنون / ح ٢ / ص ٩٩٣.
(٢) أبو الأجرب جعونة بن الصمّة الكلابي من قدماء شعراء الأندلس ، وترجمته في جذوة المقتبس (ص ١٨٩) ، وبغية الملتمس (ص ٢٦١) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ١٥٦).
(٣) انظر ترجمته في الحلة السيراء (ص ٤٩).