١١٣ ـ اللغوي أبو غالب تمام بن غالب المعروف بابن التياني (١)
من الأعلام في علم اللغة المشهورين ، انتقل من قرطبة إلى مرسية ، وبثّ علمه هنالك ، وصنّف كتابا في اللّغة وقف عليه مجاهد العامري ملك الجزر ودانية ، فأعجبه ، فبعث إليه بألف دينار وكسوة على أن يزيد فيه أنه صنفه مطرّزا باسم مجاهد ، فقال أبو غالب : كتاب صنّفته لله ولطلبة العلم أصرفه إلى اسم ملك ، هذا والله ما لا يكون أبدا ، وصرف على مجاهد الألف الدينار والكسوة ، فزاد في عين مجاهد وعظم في صدور الناس.
وقد أطنب الحجاري بسبب هذه القضيّة في شكر الملك والعالم ، وقال : هكذا ينبغي أن تكون الملوك وكذا يجب أن تكون العلماء.
ومن كتاب الريحانة في حلى ذوي الديانة
١١٤ ـ الزاهد عبد الرحمن بن مروان ابن عبد الرحمن الأنصاري القنازعي القرطبي (٢)
من تصنيف ابن بشكوال في زهاد الأندلس وأئمتها : أنه نسب إلى صنعته ، وأطنب في الثناء عليه ، وأخبر أنه جمع في أخباره كتابا مفردا وله رحلة ورواية بالمشرق ، وندبه الخليفة عليّ بن حمود إلى الشّورى ، فلم يعرّج عليه. وكان صوّام النهار ، قوّام الليل ، راضيا بالقليل من الحلال ، وربما اقتات بما يرميه الناس من أطراف البقول وما أشبه ذلك ، ولا ينحطّ إلى مسألة أحد.
وقال : كنت بمصر وشهدت العيد مع الناس ، فانصرفوا إلى ما أعدوه وانصرفت إلى النيل ، وليس معي ما أفطر عليه إلا شيء من بقيّة ترمس بقي عندي في خرقة ، فنزلت على الشّطّ ، وجعلت آكله وأرمي بقشره إلى مكان منخفض تحتي ، وأقول في نفسي : ترى إن كان اليوم بمصر في هذا العيد أسوأ حالا مني؟ فلم يكن إلا ما رفعت رأسي وأبصرت أمامي ، فإذا برجل يلقط قشر التّرمس الذي أطرحه ويأكله ، فعلمت أنه تنبيه من الله عزوجل ، وشكرته ، وتخوفّي بقرطبة يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من رجب سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ، وكان من أهل العلم بالحديث والفقه ، مجوّدا للقرآن.
__________________
(١) من تصانيفه (أخبار تهامة) و (تلقيح العين في اللغة) ترجمته في كشف الظنون (ج ٥ / ص ٢٤٥ ـ ٢٤٦) والجذوة (ص ١٧٢) وبغية الملتمس (ص ٢٣٦).
(٢) ترجمته في بغية الملتمس (ص ٣٥٨) وجذوة المقتبس (ص ٢٦٠) وكشف الظنون (ج ٥ / ص ٥١٦) من مصنفاته (تفسير الموطأ لمالك) و (كتاب الشروط) توفي سنة ٤١٣ ه.