علماء التنجيم
٥٩ ـ عبد الله بن الشّمر بن نمير القرطبي (١) منجّم سلطان الأندلس عبد الرحمن بن الحكم ونديمه
من المقتبس : أنه كان نسيج وحده مجموعا له من الخصال النبيلة ما فرّق في عمر من جميع التعاليم والأدب والشعر والنثر. وكان لطيفا حلوا يغلب على قلب من شاهده. وصحب عبد الرحمن قبل السّلطنة أيام والد الحكم ، ولما صار الأمر إليه وفّى له ونادمه.
وذكر عبادة : أنه كان قد بشّر عبد الرحمن بأن الأمر سيصير إليه من جهة التنجيم ، فلما كان ذلك أحسن جزاءه ، وأجرى عليه رزقا للشعر ورزقا للتنجيم. وكان أيام تمكن نصر الخصيّ من عبد الرحمن يقل زيارة محمد ابن عبد الرحمن ، فلما هلك نصر قال شعرا منه :
لئن غاب وجهي عنك إنّ مودّتي |
|
لشاهدة في كلّ يوم تسلّم |
وما عاقني إلا عدوّ مسلّط |
|
يذلّ ويشجي من يشاء ويرغم |
ولم يستطل إلا بكم وبعزّكم |
|
وما ينبغي أن يمنح العزّ مجرم |
فنحمد ربّا سرّنا بهلاكه |
|
فما زال بالإحسان والطّول ينعم |
وذكر عبد الله بن الناصر (٢) في كتاب العليل والقتيل : أن الأمير عبد الرحمن قال يوما لابن الشّمر على الشراب : ما فعلت غفيّرتك التي كانت جرداء ، قد صارت أخياطها كالعروق؟ فقال : عملت منها لفائف لبغيلك الأشهب! وكان حينئذ الأمير عبد الرحمن ليس له ما يركب إلا البغيل المذكور ، لأنه كان مضيّقا عليه في زمان والده ، وكان له أخ مرشح للسلطنة ، ولم تتسع حاله حتى هلك أخوه.
وذكر الرازي : أن عبد الرحمن خرج مرة لصيد الغرانيق التي كان مولعا بها ، فأبعد ، وكان الشتاء ، فقال ابن الشّمر شعرا منه :
ليت شعري أمن حديد خلقنا |
|
أم نحتنا من صخرة صمّاء |
كل عام في الصيف نحن غزاة |
|
والغرانيق غزونا في الشتاء |
إذ نرى الأرض والجليد عليها |
|
واقع مثل شقّة بيضاء |
__________________
(١) انظر ترجمته في بدائع البدائه (ص ٥٠) وتاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (ص ١٨٩).
(٢) سيترجم له ابن سعيد في مدينة الزهراء ١٨٧ في هذا الجزء.