مختلفة ، حيث يحصل أحيانا بالدليل العقلي كما في حصول اليقين بوجود النار من خلال مشاهدة دخّان من بعيد ، لذا يقال لمثل هذا الأمر (علم اليقين).
وحينما نقترب أكثر ونرى اشتعال النار بامّ أعيننا ، فعند ذلك يصبح اليقين أقوى ويسمّى عندئذ بـ (عين اليقين).
وعند ما يكون اقترابنا أكثر فأكثر ونصبح في محاذاة النار أو في داخلها ونلمس حرارتها بأيدينا ، فإنّ من المسلّم أنّ هذه أعلى مرحلة من مراحل اليقين ، وتسمّى بـ (حقّ اليقين).
والآية أعلاه تقول : إنّ القرآن الكريم في مثل هذه المرحلة من اليقين ، ومع هذا فإنّ عديمي البصيرة ينكرونه ويشكّكون فيه.
وأخيرا يقول سبحانه في آخر آية ـ مورد البحث ، والتي هي آخر آية من سورة (الحاقّة) ـ (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ).
والجدير بالملاحظة ـ هنا ـ أنّ مضمون هذه الآية والآية السابقة قد جاء بتفاوت يسير مع ما ورد في سورة الواقعة ، وهذا التفاوت هو أنّ الآية وصفت القرآن الكريم هنا بأنّه (حقّ اليقين) أمّا في نهاية سورة (الواقعة) فكان الحديث عن المجاميع المتباينة للصالحين والطالحين في يوم القيامة.
* * *
ملاحظة
وصف القرآن الكريم في هذه الآيات المباركة بأوصاف أربعة وهي «تنزيل» و «تذكرة» و «حسرة» و «حقّ اليقين». حيث يقول في البداية : (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، ثمّ يقول : (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) ثمّ يقول تعالى : (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ) ويضيف في آخر وصف له بقوله : (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ).
وذلك أنّ الآية الاولى موجّهة لجميع البشر ، والثانية مختصّة بالمتّقين والآية