يكون سببا لضياع الرسالة وضلال الناس (١).
أمّا الأشخاص الذين يدّعون ادّعاءات باطلة ، وليس لديهم أي دليل عليها ، فليس هنالك ضرورة لأنّ يهلكهم الله فورا ، لأنّ بطلان ادّعاءاتهم واضح لكلّ من يطلب الحقّ ، إلّا أنّ الأمر يلتبس ويصعب حينما يكون الادّعاء بالنبوّة مقترنا بأدلّة ومعاجز دامغة كما هو بالنسبة للنبي الإلهي ، فإنّ ذلك ممّا يؤدّي إلى الانحراف عن طريق الحقّ.
ومن هنا يتّضح بطلان ادّعاء بعض (الفرق الضالّة) لإثبات ما يقوله أسيادهم من خلال الاستشهاد بهذه الآية المباركة. فلو صحّ ذلك لكان (مسيلمة الكذّاب) وكلّ مدّع كاذب من أمثاله يستطيعون إثبات ادّعاءاتهم من خلال الاستدلال بهذه الآية أيضا.
ويذكّر سبحانه مرّة اخرى في الآية اللاحقة مؤكّدا ما سبق عرضه في الآيات السابقة (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ). إنّ كتاب الله هذا أنزله للأشخاص الذين يريدون أن يطهّروا أنفسهم من الذنوب ، ويسيروا في طريق الحقّ ، ويبحثوا عن الحقيقة ، ويسعوا للوصول إليها ، أمّا من لم يصل إلى هذا الحدّ من صفاء النظرة وتقوى النفس ، فمن المسلّم أنّه لن يستطيع أن يستلهم تعاليم القرآن الكريم ويتذوّق حلاوة معرفة الحقّ المبين.
إنّ التأثير العميق الفذّ للقرآن الكريم الذي يحدثه في نفوس سامعيه وقارئيه ، هو بحدّ ذاته علامة على إعجازه وحقّانيته.
ثمّ يضيف تعالى : (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ).
إنّ وجود المكذّبين المعاندين لم يكن مانعا أبدا من الدليل على عدم حقّانيتهم.
__________________
(١) وهذا هو نفس ما طرح في كتب علم الكلام بعنوان : (جعل المعجزة في يد الكاذب) وقد قبّح هذا الأمر.