القسم : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) (١) أي أعط كفّارة القسم وتحرّر منه.
ويذكر أنّ الترك إذا كان راجحا على العمل فيجب الالتزام بالقسم والحنث فيه ذنب تترتّب كفّارة عليه ، أمّا في الموارد التي يكون فيها الترك شيئا مرجوحا مثل «الآية مورد البحث» فإنّه يجوز الحنث في القسم ، ولكن من الأفضل دفع كفّارة من أجل الحفاظ على حرمة القسم واحترامه (٢).
ثمّ يضيف : (وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
فقد أنجاكم من مثل هذه الأقسام ووضع لكم طريق التخلّص منها طبقا لعلمه وحكمته.
ويستفاد من بعض الروايات أنّ النبي أعتق رقبة بعد هذا القسم وحلّل ما كان قد حرّمه بالقسم.
وفي الآية اللاحقة يتعرّض لهذا الحادث بشكل أوسع : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ).
ما هذا السرّ الذي أسرّه النبي لبعض زوجاته ثمّ لم يحفظنه؟
طبقا لما أوردناه في أسباب النزول فإنّ هذا السرّ يتكوّن من أمرين :
الأوّل : تناول العسل عند زوجته (زينب بنت جحش).
والثاني : تحريم العسل على نفسه في المستقبل.
أمّا الزوجة التي أذاعت السرّ ولم تحافظ عليه فهي «حفصة» حيث أنّها نقلت ذلك الحديث الذي سمعت به إلى عائشة.
__________________
(١) «الراغب» في «المفردات» ، يقول : إذا جاءت كلمة «فرض» مع «على» فإنّها تدلّ على الوجوب ، وأمّا إذا جاءت معها «لام» فإنّها تدلّ على عدم المنع وبهذا يكون الفرض في الآية السابقة هو السماح والإباحة وليس الوجوب. وعبارة «تحلّة» ـ مصدر من باب تفعيل ـ بمعنى إباحة والحلّية ، أو بتعبير آخر العمل على فتح عقدة القسم ، وهو الكفّارة.
(٢) كفّارة القسم حسب ما يستفاد من الآية (٨٦) من سورة المائدة عبارة عن إطعام عشرة مساكين ، أو إكساؤهم ، أو تحرير رقبة. وإن كان لا يقدر على شيء من ذلك فصيام ثلاثة أيّام.