(إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) لأنّ الله عزوجل قادر مطلق ، وأمره نافذ في كلّ شيء وتخضع جميع الكائنات لمشيئته وإرادته ...
ولهذا يحذّر النساء والرجال والشهود أن لا يخافوا قول الحقّ ، ويحثّهم على الاعتماد عليه واللجوء إليه في تيسير الصعوبات ، لأنّه قد تعهّد بأن ييسّر للمتّقين أمرهم ، ويجعل لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون.
لقد تعهّد الله أن لا يترك من توكّل عليه يتخبّط في حيرته ، وإنّه لقادر على الوفاء بهذا التعهّد.
ورغم أنّ هذه الآيات نزلت بشأن الطلاق والأحكام المتعلّقة به ، لكنّها تحتوي مفاهيم واسعة ومعاني عظيمة تشمل جميع المجالات التي يعاهد الله بها المتّقين ، ويبعث في نفوسهم الأمل بأنّه سيشملهم بلطفه ورعايته ، فينجيهم من المآزق ، ويرشدهم إلى الصواب ، ويفتح أمامهم الآفاق الرحبة ، ويرفع عنهم مشاكل الحياة وصعوباتها ، ويبدّد الغيوم السوداء التي تلبّد سماء سعادتهم.
وفي إشارة لطيفة إلى النظام العامّ الذي يحكم التكوين والتشريع ، يقول تعالى : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) فكلّ هذه الأحكام والأوامر التي فرضها الله في شأن الطلاق ، إنّما كانت ضمن حساب دقيق ومقاييس عامّة شاملة لا يغيب عنها شيء.
وهكذا يجب أن يلتزم الناس في جميع المشاكل التي تنتاب حياتهم ـ وليس فقط في مسألة الطلاق ـ بالموازين والأحكام الشرعية ، وأن يواجهوا تلك الأمور بالتقوى والصبر وطلب التوفيق من الله ، لا أن يطلقوا ألسنتهم بالشكوى وارتكاب الذنوب ، وما إلى ذلك ويتوسّلون بالطرق غير المشروعة لحلّ مشاكلهم.
* * *