الإشهاد ليس واجبا قطعا في التزويج فضلا عن الرجوع. وعلى فرض أنّ المورد يشمل الرجوع فيكون من باب الاستحباب.
وفي الحكم الثالث يبيّن القرآن الكريم وظيفة الشهود ، حيث يقول : (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) حذار أن يكون ميلكم وحبّكم لأحد الطرفين مانعا عن إظهار الحقّ ، وينبغي أن تتمّ الشهادة لله ولإظهار الحقّ ، وينبغي أن يكون الشهود عدولا ، ولما كانت عدالة الشاهد لا تعني انّه معصوم من الذنب ، ولهذا يحذّرهم الله تعالى لكي يراقبوا أنفسهم لئلّا ينحرفوا عن جادّة الحقّ بعلم أو بغير علم.
وينبغي أن يشار إلى أنّ تعبير (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) دليل على أنّ الشاهدين يجب أن يكونا مسلمين عادلين ومن الذكور.
ولتأكيد الأحكام السابقة جميعا تقول الآية الكريمة : (ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).
ربّما اعتبر البعض «ذلكم» إشارة ـ فقط ـ إلى مسألة التوجّه إلى الله ومراعاة العدالة من جانب الشهود ، غير أنّ الظاهر أنّ هذا التعبير يشمل كلّ الأحكام السابقة حول الطلاق.
وعلى أيّة حال فإنّ هذا التعبير دليل على الأهمية القصوى التي يولّيها القرآن الكريم لأحكام الطلاق ، التي إذا تجاوزها أحد ولم يتّعظ بها فكأنّه أنكر الإيمان بالله واليوم الآخر.
وبسبب المشاكل المعيشية والحياة المستقبلية فإنّ الزوجين قد ينحرفان عن جادّة الصواب عند الطلاق والرجوع ، وقد تضغط هذه الظروف على الشاهدين فتمنعانهما عن أداء الشهادة الصحيحة والعادلة ، لهذا تؤكّد الآية في نهايتها قائلة : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) ويساعده حتما على إيجاد الحلّ لمشكلاته.
(وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) ولا يتصوّر تحصيله.
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) وسيكفيه ما يهمّه من أموره.