بعد ذلك يدعو الله تعالى الناس جميعا إلى التقوى واجتناب المعاصي ، حيث يقول تعالى : (اتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) فهو ربّكم الحريص على سعادتكم ، فلا تعظوا له أمرا ولا تتركوا له طاعة ، وخاصّة في «حساب العدّة» والتدقيق بها.
ثمّ يذكر الحكم «الثالث» الذي يتعلّق بالأزواج والحكم «الرابع» الذي يتعلّق بالزوجات ، يقول تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ).
ورغم أنّ كثيرا من الجهلة لا يلتزمون بهذا الحكم عند الطلاق ، حيث يسمح الرجل لنفسه أن يخرج المرأة بمجرّد إجراء صيغة الطلاق ، كما تسمح المرأة لنفسها بالخروج من بيت زوجها والرجوع إلى أقاربها بمجرّد ذلك.
ولكن يبقى لهذا الحكم فلسفته المهمّة وحكمته البالغة ، فهو بالإضافة إلى إسداء الاحترام إلى المرأة ، يهيئ أرضية جيّدة للانصراف والإعراض عن الطلاق ، ويؤدّي إلى تقوية الأواصر الزوجية.
إنّ عدم الالتزام بهذا الحكم الإسلامي الخطير ، الذي جاء في نصّ القرآن الكريم ، يسبّب كثيرا من حالات الطلاق التي تؤدّي إلى الفراق الدائم ، بينما كثيرا ما يؤدّي الالتزام بهذا الحكم إلى الرجوع والصلح والعودة إلى الزوجية مجدّدا.
ولكن قد تقتضي بعض الظروف إخراج المرأة وعدم القدرة على الاحتفاظ بها في البيت ، فيجيء الحكم الخامس الاستثنائي إذ يقول تعالى : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ).
كأن يكون الزوجان غير منسجمين إطلاقا ، ويكون أحدهما مثلا سيء الأخلاق إلى الدرجة التي لا يمكن معها البقاء معه في بيت واحد ، وإلّا ستنشأ مشاكل جديدة وعديدة.
ويلاحظ هذا المعنى في روايات كثيرة عن أهل البيت عليهمالسلام (١).
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٥٠ ـ ٣٥١ ، أحاديث ١٧ ، ١٨ ، ١٩ ، ٢٠.