في سبيل طريق الحقّ وباعوا مهجهم في سبيل الدين العظيم ، هي مغفرة الذنوب جميعا ولكن هل أنّ المقصود من غفران الذنوب الذي ورد في الآية الكريمة هي الذنوب التي تختّص بحقّ الله فقط ، أم تشمل ما يتعلّق بحقوق الناس أيضا؟
ويتبيّن لنا في هذا الشأن أنّ الآية مطلقة والدليل هو عموميتها ، ونظرا إلى أنّ الله سبحانه قد أوكل حقّ الناس إليهم لذا تردّد البعض في القول بعمومية الآية الكريمة ، وشكّكوا في شمولها الحقّين.
وبهذه الصورة نلاحظ أنّ الآيات أعلاه قد تحدّثت عن مرتكزين أساسين من مرتكزات الإيمان وهما : (الإيمان بالله والرّسول) وعن مرتكزين أساسين أيضا من مرتكزات الجهاد وهما : (الجهاد بالمال والنفس) وكذلك عن مرتكزين من الجزاء الاخروي وهما : (غفران الذنوب والدخول في جنّة الخلد).
كما أنّنا نقرأ في الآية اللاحقة عن شعبتين من الهبات الإلهية التي تفضل بها البارئ على عباده المؤمنين في هذه الدنيا حيث يقول : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) (١).
يا لها من تجارة مباركة مربحة حيث تشتمل على الفتح والنصر والنعمة والرحمة ، ولذلك عبّر عنها البارئ سبحانه بقوله : (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ونصر كبير. ولهذا فإنّه سبحانه يبارك للمؤمنين تجارتهم العظيمة هذه ، ويزفّ لهم البشرى بقوله تعالى : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
وجاء في الحديث أنّه في «ليلة العقبة» ـ الليلة التي التقي بها رسول الله سرّا بأهل المدينة قرب مكّة وأخذ منهم البيعة ـ قال «عبد الله بن رواحة» لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اشترط لربّك ونفسك ما شئت.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أشترط لربّي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن
__________________
(١) «اخرى» صفة لموصوف محذوف مثل نعمة أو خصلة ، وقال البعض أيضا : إنّ الموصوف هو (التجارة) إلّا أنّ هذا مستبعد.